معاصر الزيت الجوفية بجزيرة جربة موضوع مسلك ثقافي جديد

مثّل استغلال معاصر الزيت الجوفية التقليدية التي تنفرد بها جزيرة جربة للترويج للتراث المادي وغير المادي للجزيرة موضوع تجربة ثقافية وطهي. 

وقد تم في هذا الإطار تدشين مسلك جديد حول موضوع زيت الزيتون بجربة من قبل جامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة وذلك في إطار برنامج "تعزيز السياحة المستدامة في تونس" تنفذه وزارة السياحة بدعم من الوكالة الالمانية للتعاون الدولي GIZ وتمويل مشترك من قبل الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الإقتصادي والتنمية BMZوالإتحاد الأوروبي كجزء من برنامج "تونس وجهتنا TounesWijhatouna" الذي يهدف إلى دعم تطوير السياحة التونسية. 

و"سيكون لإحداث هذا المسلك الجديد تأثير إيجابي على مستوى التنمية الاقتصادية لهذه المناطق وذلك من خلال انشاء زيارات سياحية وخلق ديناميكية حول مطاحن الزيت"، وفق ما صرح به حمدة عبد اللاوي، المدير التنفيذي لجامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة في حفل انطلاق المشروع يوم غرة مارس 2024. 

وخضعت معصرة "فسيلي" للزيوت الجوفية التي تعود ملكيتها لبلدية ميدون بعد ان تم التبرع بها من قبل عائلة "فسيلي" الى جملة من التحسينات في إطار تشغيلها ثم تفويضها لجامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة وذلك لجعل الموقع أكثر جاذبية للزوار في إطار تنظيم عدد من الأنشطة لتشجيع علىالمشاركة. 

وعلى عين المكان تقام عمليات تنشيطية ينظمها أهالي المنطقة لعرض منتجاتهم الحرفية إضافة الى ورشات عمل متنقلة تهدف الى تقديم تجارب فريدة من نوعها في ضل البهجة والسرور، على سبيل المثال "ورشة الذواقة" التي تقدم للزوار جملة من الوجبات والمشروبات من التراث المحلي للتعريف بنكهات مطبخ جربة النموذجي تحت اشراف مجموعة من الشبان الطهاة وصانعو كوكتيل محليين. 

أما ورشة العمل الثانية، فهي متخصصة في صناعة الصابون المستخرج من زيت الزيتون "ورشة مستحضرات التجميل" وذلك للتركيز على أهمية استخدام المواد الخام وفوائد استعمالاتها المختلفة، في حين تتعلق الثالثة بورشة علم الزيتون" التي خصصت لتعليم المشاركين كيفية التمييز بين الأنواع المختلفة لزيت الزيتون وذلك بالاعتماد على حاسة التذوق أو التحليل الحسي، إضافة إلى الارشاد لفوائده الصحية. 

وبالإضافة الى ذلك، فقد تم تكوين حوالي عشرين مرشداً سياحيا خصيصاً لمرافقة المجموعات السياحية والأفراد وذلك لإتاحة الفرصة للسياح في المشاركة في مراسم موسم جني الزيتون (من نوفمبر إلى مارس) وذلك للاقتراب من سكان الجزيرة واكتشاف نمط حياتهم. 

وسيمكن هذا المشروع، الذي يهدف إلى تعزيز الارث الثقافي لجربة، الى تثمين الحرف التقليدية لزيت الزيتون وإدخال المعاصر الجوفية ضمن مسار رحلات سياحية استكشافية وتشجيع أصحاب المعاصر المتروكة الأخرى من نفس النوع، على تطويرها وتشغيلها من أجل حماية هذا الموروث.

و تقع هذه المعاصر عادةً في الارياف أو في أماكن لا تظهر في المسارات الكلاسيكية، وسيساعد هذا المنهج على دمج هذه المناطق غير المعروفة في الجزيرة. 

وستخلق هذه الديناميكية الجديدة مواطن شغل وفرص جديدة لسكان المناطق الداخلية للجزيرة (كالحرف اليدوية، بيع المنتجات المحلية، محلات البقالة، المحلات التجارية وما إلى ذلك). 

ويأتي موضوع زيت الزيتون استكمالاً لكتاب الطبخ "جربة، جزيرة النكهات" الذي يتضمن 30 وصفة طبخ جربية نموذجية والتعريف بتقاليد الطهي في الجزيرة وقصصها، فقد تم إعداد الكتاب ونشره من قبل جامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة كجزء من برنامج "تونس وجهتنا" والممول من قبل الاتحاد الأوروبي ومشروع "الوجهة الجنوبية الشرقية التونسية" من المنظمة الاقتصادية السويسرية سيكو والذي تنفذه شركة سويس كونتاكت، بالشراكة مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية والديوان الوطني التونسي للسياحة. 

تم إطلاق جامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة سنة 2021، وهي منضمة تضع نفسها كممثل سياحي فعال للجهة بين القطاعين العام والخاص للترويج لجهة جربة خاصة من خلال تمثيلها للوجهة في الفعاليات الوطنية والدولية، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات تسويقية لترويج العرض المتاح. 

وتعمل جامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة على تنويع وتجديد صورة الجزيرة من خلال دمج جميع العروض السياحية وخاصةً العروض السياحية الساحلية والرياضية والثقافية والتراثية والاستجمام والترفيهية والصحية. 

كما تعمل أيضاً على تقديم سياحة متنوعة وشاملة ومستدامة في جربة، وذلك بالشراكة مع وزارة السياحة والصناعات التقليدية. 

وتجمع جامعة التصرف في الوجهة السياحية جربة أصحاب الفنادق، ووكالات الأسفار، وأصحاب المطاعم، ومقدمي ومروجي الأنشطة الثقافية والرياضية، والحرفيين، ومقدمي خدمات الإقامة الصغيرة، والمرشدين والجمعيات بالشراكة مع الديوان الوطني للسياحة التونسية ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية وبلديات جربة الثلاث. 

ويساعد هذا التشبيك على التنسيق بين الجهات الفاعلة المعنية من أجل تحسين وتنويع العروض السياحية على جميع المستويات. 

هذه المنظومة التي تعتمد على جملة من المتدخلين تندمج، منذ سنة 2014، في إطار مشروع "الوجهة الجنوبية الشرقية تونس"، من قبل كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية الذي تنفذه شركة سويس كونتاكت بالتعاون مع وزارة السياحة والديوان الوطني التونسي للسياحة.