Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/08/01 19:17

إسلاميو اليوم فقهاء القرن الثاني ..كِب القصعة على فمها تطلع الطفلة لأمها

إسلاميو اليوم فقهاء القرن الثاني ..كِب القصعة على فمها تطلع الطفلة لأمها

بقلم سعد برغل
من المفروض ألاّ ينطلق الكاتب من المسلّمات إذا أراد أن يُسهم مع غيره في تجذير الحداثة، والنسبية هو المفهوم الرئيسي للحداثة، فالمسلّمات هي العدوّ الأوّلللحداثة، وهي الجدار المانع للفكر من كلّ رأي نقديّ، تكون المسلّمات عادة من نتاج المعرفة الدينيّة، وهو ما يُفسّر انعدام إمكانية التحاور مع أصحاب هذا الفكر لأنّهم في لا وعيهم مقتنعون أنّهم مالكون للحقيقة، وأنّ هذه الحقيقة واحدة مطلقة وأزليّة، ويعطي هذا الفكر الشمولي لصاحبه الحقّ في التصنيفية بحسب مقاييسه الخاصّة.وهذا ما يُفسّر مثلا كثرة المصطلحات في الفقه الإسلامي بحسب المدارس، فعند انطلاق الدّعوة، كان الرسول الكريم يتحاشى تقسيم الناس تقسيما يقيم سدّا بينهم وبين إمكانية الإيمان برسالته، وتميّزت الفترة المكية الأولى بمعاني الترغيب واللطف والتسامح مع المعارضين، بل وتحاشى الرسول الصدام معهم وبلغ به الأمر حدّ الانعزال مع أبي بكر بحثا عن الحقيقة.

لكن بمرور القرون وبتراكم الاختلافات بين آل البيت الواحد كثرت المصطلحات النابعة من وهم امتلاك الحقيقة  فقسّم الفقهاء الناس إلى كفار ومؤمنين وأفردوا لكلّ صنف مراتبية داخلية من مؤمن عاص ومرتكب كبيرة ومرتكب صغيرة وأصحاب الدّرك الأسفل من النار، وهي مراتبية ما تزال تحكم المشهد السياسي العربي اليوم إذ يكفي أن نتساءل عن أسباب ظهور فرق وملل وانتشارها بسرعة ثم اندثارها بسرعة، فمنذ مدّة كنّا نتابع أخبار جبهة النصرة السورية وما عادت تظهر، وتابعنا أخبار جند الشام وما عاد يظهر، وتابعنا فظاعات الصدريين وماعادوا ينشطون، وتابعنا أنصار الشريعة قبل أن تتحوّل أبناء الصحوة، وتابعنا الجهاديين العلميين، وتابعنا الدعويين، وها نحن نرى أخبار داعشتتصدّر الإعلام، ولنا أن نسائل ما الفرق الجوهري بينها؟

 الرأي عندي أنّ هذه الفصائل تسميات مختلفة لمسمّى واحد، هي فرق المرجعية الدينية التي ترى الكون حقيقة واحدة يملكها رأس التنظيم فهو الخليفة أو الأمير الجماعة أو الملاّ، وكلّ من يخالف هذا الرأس الرّأيَ فهو خارج الملّة، سواء أكان من أهل الإسلام أو من أهل التوحيد، وما يتعرّض له مسيحيو العراق من إبادة واستباحة للعرض والمال إلا دليل أنّ العقل العربي بصدد إعادة إنتاج الديكتاتورية الدينية، وما ظهور مفهوم الجزية على المواطن العراقي إلا دليل أنّ العقل الفقهي استقرّ به الحال في القرن الثاني، وما عودة مصطلحات النخاسة والردّة والفتح والطاغوت إلا دليل على أنّ الحداثة بالنسبة إلى العقل العربي كانت حلما عند المصلحين وهاهي واقع مرير يقول "من ليس من ملّتنا فهو كافر" وعلى خليفة الله أن يجري أحكام السلح والرجم والصلب والجزية.

هذا الاشتراك الفقهي بين مختلف التيارات السياسية المشتركة في المرجع الديني والمختلفة في التأويل جعلت تونس مثلا أرضية خصبة لمثل هذه الألعاب التي تنهض على فتاوى متباينة: فبالأمس كانت النهضة حليفة كل نفس ديني اشترته لصناديق الانتخاب،فجالست أبناء التحرير، وخطب صقورها بتجمعات القيروان والخيمات الدعوية لأنصار الشريعة، ومايزال جامع الفتح يلعن تواطؤ عليّ العريّض وتهريب أبي عياض، ومازالت جدران التأسيسي تلعن النهضاويين والوفائيين المانعين لإصدار قانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، وما تزال الساحات التونسية ومنابر الجمعة تذكر دعوات النهضاويين ومن لفّ لفّهم من طلبة الفضائيات الخليجية لضرورة الجهاد بسوريا، وما تزال دعوات الأمّهات الثكالى تلاحق الجمعيات الخيرية التي سهّلت سفر الصبايا والشباب وقودا لحطب الحرب السورية، كانت حركة صبيانية تقوم على "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" في فهم حرفي بسيط ساذج، يتماشى وما صدّرت لنا حلقات الدروشة القطرية والخليجية من إسلام شكلي يجعل اللحية مقياسا للتديّن والنقاب مقياسا لخشية الله وقيام الليل مقياسا للإيمان،

وتحوّلت المساجد من فضاءات لعبادة الله إلى فضاء معيشي وسكن للطبخ والدراسة والغسيل والاغتسال ونشر الثياب وممارسة الجنس، وتقف مؤسسات  الدولة عاجزة أمام هذا التحويل الخطير خوف الاتهام  بعداوتها للإسلام، وإذا ارتفع صوت مندّدا بما يقترفه أصحاب اللحى في حق المساجد انبرى له أدعياء خلافة لله فكفّروه ولعلّ ما نشر الجوادي إمام جامع اللخمي على صفحته مؤخّرا من استعداء على الإعلامي محمد بوغلاب لا يخرج عن دائرة  الإرهاب الذي فرّخ بالعقول والمساجد قبل أن يلتحق بالجبال. ويبقى القاسم الجامع بين إرهاب السلاح وإرهاب الفكر واحد: نحن من نملك الحقيقة، وكلّ مخالف كافر، يستوي في ذلك الاختلاف في السياسة أو في شعائر الطقوس أو في فطور يوم العيد، فيكفي أن تسمع أحاديثهم بالمقاهي حتى تستبد بك الحيرة في عقم هذه العقلية: أكل الملوخية يوم العيد أقرب إلى الله من تناول غذاء آخر.

يكفي أن نتساءل مع كلّ من استمع إلى البيان العجب لسماحة المؤقت مفتي الديار التونسية حتى يدرك عمق مأساة الفكر العربي المعاصر: مقدّمات تتناقض مع النتائج، ارتباك في المرجعيات، عدم ذكر تاريخ المرسوم، الخوف حدّ الفوبيا من التصريح بأنّ المرجع القانوني بإمضاء الرئيس زين العابدين بن عليّ، مفهوم اخواني متحكّم في  عقل المفتي، مفهوم الحفاظ على وحدة الأمة، وأي أمّة، ولماذا أخرج المغرب وبعض البلدان الإسلامية من الأمّة ولماذا اتهمهم مفتي تلك الديار بأنهم ضدّ وحدة الأمّة، ومن نصّبه حاميا للأمّة وهل يُخوّل له منصبه الإفتاء في ما يراه صالحا للأمّة؟ عقل يرقص في الغموض الاصطلاحي، صلاح الأمة، ولو طال البيان أكثر لتحوّل في سطر نصرة لغزة  وفقرات لا حصر لعددها في سبّ السيسي وشتمه بمناسبة بيان العيد التونسي، هم الإخوان مهما اختلفت تسمياتهم ومناصبهم وكسوتهم، الولاء للتنظيم ودعوات طوباوية لتوحيد الأمّة ولا يعنيهم هل هلّ الهلال بالبلاد التونسية، فتونس  لا وجود لها عندهم تماما كما في بيانات " أنصار الشريعة" الأخيرة المردّدة للقيروان بوصفها تونس ولكتيبة عقبة باعتبارها صحوة الشباب التونسي.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg