الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2016/12/30 12:03

تونسي . كوم

تونسي . كوم

بقلم سعد برغل

كيف يمكن أن تستقبل قراءة مقال صادر عن الفيغارو le figaro الفرنسية التي تعرف سحبا يفوق 350 ألف نسخة لكلّ عدد من أعدادها؟ 

مقال يؤكد صاحبه أنّ تونس مفرخة للإرهاب وأنّ التونسيين بدؤوا غزوات العالم  بالتقتيل العبثي للأبرياء، تقرأ المقال وتغصّ وتبلع ريقك فأنت لا حول لك ولا قوّة ، وتقرأ مقالا ثانيا في جريدة  Le monde وتخرس، فقد بلغت صورتنا حدّ الخجل من أنفسنا، شعوب كانت قريبا صديقتنا وحليفتنا وسندنا أصبحت اليوم تتبرّأ منّا، كنّا نباهي بجواز أخضر نضعه أمام المراقبين بمطارات العالم واليوم ينتابني إحساس أني متّهم  وسيقع إيقافي ولو تحفظيّا في أي مطار أنزل به، إحساس كريه  لا أقوى على ردّه، نظرات حقد تصدر عن المراقب، بسمة مغتصبة من شفتي رجل قمارق، إشارة فحسب فالمسافر يجمل جواز سفر أخضر اللون، هو متّهم إلى أن تثبت إدانته.

كثرت التحاليل المرتبطة بالبحث في أسباب الإرهاب وتصدّر التونسيين قائمة القتلة، تراوحت التحليلات بين الإدانة الشديدة والبحث عن مخرج للإرهابيين تمهيدا لطرح مسألة العفو عنهم من جديد حتى تجد مقولة التوبة من جديد مرجعيتها التبريرية، فريق أخير انطلق من مقتضيات الدستور المدني ليصرّح بأنه لا حقّ للتونسيين في حرمان تونسيّ من حقّه ببلده وذهب كبيرهم مذهب العجائز" اللحم اذا نْتان ماعليه كان بأماليه"ن طبيعيّ أن نسمع مثل هذه الدعوات من نفس المرجعية الدينية، صوت على جوهرة أف أم يتذرّع بالقانون المدني الذي لا يعترف به الإرهابيون وصوت من القيروان في خطبة أنصار يعتمد مخاطبة القوم بما يفهمون، ويلتقيان في اعتبار الإرهابيّ ضحية لا مجرما، وسنعود هذه الأيام إلى مربع كنّا عانينا منه مباشرة بعد الثورة وأطروحات " تجفيف المنابع هي السبب"، وطبعا فات الجماعة أنهم كانوا بالحكم وهم ممن شجّع على الانتصاب الفوضوي للخيم الدعوية وتجمع أنصار الشريعة ووزير داخلية يقول هم يلعبون الرياضة وفتحت المساجد أبوابها ولم تغلقها وتكاثرت الجمعيات الدعوية في عهدهم وضخّت الجهات الأجنبية ما قدرت من بيترودولار حتى إذا تحكموا بالجبال وتدربوا أطلقت الجماعة النفير وساندهم من ساندهم من أصدقاء سورية.

طرح آخر يرى أن الإرهاب يتعلّق" بالوضعية الاجتماعية المتردية" وفاته كما فات غيره أنّ الإرهاب فرّخ بالجامعات من طلبة واساتذة وهم النخبة، وفاته أن الأطباء وأبناء الكوادر والمترفين سافروا إلى سوريا  وفاته أنّ مهرّبين أثرياء أطلقوا اللحى وتذكّروا سوريا التي مرحوا فيها واسمتعوا " أيّام جاهليتتهم" عادوا إليها للجهاد وغسل الذنب وجريا وراء حور العين.

طرح آخر يربط الأمر بالتشغيلية وحالة الإحباط الشبابي والخيبة من انتظارات أهداف الثورة، ولكنني أستغرب مثل هذا الطرح لأن المسافرين إلى جبهة النصرة وداعش ليسوا من الباحثين عن العمل بدليل أن بعضهم ترك شغله في الوظيفة العمومية وسافر وبعضهم تدرّب بالنوادي الرياضية وسافر وبعضهم ترك محفظة تدريسه وسافر ومازال طالبوا الشغل يطالبون ويعتصمون.

حالة لا بدّ من الانكباب عليها، لكني أتساءل منذ مدّة لماذا لا يقول المحلّلون حقيقة واضحة يعرفها خاصّة أبناء الزيتونة والمتبحّرون في المذاهب الإسلامية، والغريب أنّي أسمعها منذ سنوات في توظيف خاطئ: من نحن بتونس؟  سيجيب الكلّ آليّا نحن على المذهب المالكي، لكن ما لا يقوله هؤلاء أنّ المذهب المالكي السني ليس أكثر المذاهب السنية الأربعة اعتدالا أو تسامحا أو قبولا للأخر، وهي نقطة مهمّة بالنسبة إلى المذهب الرسمي للبلاد التونسيّة، لأنّ التنصيص عليه مدنيّا هو شكل من أشكال إقصاء المذاهب الأخرى سنية أو شيعيّة.

معطى أوّل يجعل الحديث عن روح التسامح عند التونسي مجرد كلام مناسباتيّ ى حقيقة عملية له، معطى ثان يتعلّق بالثقافة الدينية للتونسيّ، فالمجتمع التونسيّ لا يعرف تنوّعا دينيا، فالمسيحيون منذ قرون أطردوا من بلادهم وما تزال بقية اليهود التونسيين تصنّف على أنها أقلية أو مواطنون من درجة ثانية، ولنا في الحوادث المتكررة التي تستهدف مواطنين تونسيين دليل بغريبة جربة مرمى وهدف لكثير من  الحقد "الإسلامي" ومن عاش بجربة يعرف التسامح الذي لمسته سنوات دراستي هناك، لقد أنتج الاختلاط بين اليهود والمسلمين روح تسامح قلّ وجودها بالجمهورية، فجربة رغم انتمائها تاريخيا إلى الأباضيّة فإن تواجد اليهود بها إلى اليوم جعل التعامل الاجتماعي تعاملا متسامحا عكس بقية البلاد حيث يُنظر إلى المخالف شيعيا أو مسيحيا أو يهوديا على أنّه كافر يجوز شرعا قتله، ويكفي أن أطرح على جهابذة المالكية من تونسيين اليوم ماهو حكم المرتدّ في المالكية وهل أجازت المالكية عدم إجبار أهل الكتاب من الجزية وهل يمكن تزويج غير المسلمة بغير مسلم ولو كان من أتباع الديانات السماوية؟

طبيعيّ إذن أننا عشنا على ثقافة انغلاق سببها الانتماء الدعيّ إلى مذهب نقول زورا إنه مذهب منفتح بينما الواقع الاجتماعي بعيد كل البعد عمّا يٌنظّر له هؤلاء، ابحثوا في المقرّرات الدراسيّة عمّا يجيز للمسلم قتل الآخر، ابحثوا في الفتاوى عمّا يسمح للشباب بتخيل الجنة والحوريات، وافتحوا ملفات الوهم الموعود بأنّ من قتل غير مسلم فلا جُناح عليه، وفّروا لليهود بتونس وللمسيحيين بتونس وللادينيين بتونس فضاء للتعايش بين المواطنين على مقياس المواطنة ويومها ستعرفون أنّنا لن نرسل أبناءنا إلى المحرقة ومن نجا منهم تبحثون له عن مبرّر وفتوى توبة، حتى إذا عاد استعمله غلاظ الساسة عصا لضرب المخالفين، وما حدث بتونس منذ سنوات شاهد ودليل.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg