Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2017/01/10 11:06

حالات استثنائيّة

حالات استثنائيّة

 بقلم سعد برغل

 
عندما يهتم المواطن هذه الأيام بأخبار الرّصد الجوّي، تكون من اللحظات الاستثنائية في حياة هذا المواطن،سنوات من العمر المتابع للنشرات الإخبارية والمسلسلات والأفلام ومباريات كرة القدم تمرّ ولا يلتفت المواطن إلى النشرة الجويّة،

منذ مدّة أصبحت النشرة الجويّة أهمّ بكثير من مداولات مجلس النواب والقرارات الحكوميّة وتنقّلات داعش من حلب إلى تدمر وأهمّ من مقتل الديبلوماسيين، وتحوّلت النشرة الجويّة نشرات جماهيرية في المقاهي وحولها مواضيع جادّة وأخرى ساخرة. ومع النشرة الجوية تصاعدت مجموعة من النكت والمرويات المتعلقة بهذه الحالة، مرويات تكشف مرارة التونسي وعجزه عن مواجهة والبيروقراطية والتسيّب الإداري، فالتونسي لا يطرح الأمطار وكمياتها باعتبارها سبب البلاء، ما يزال ينظر إلى المطر" غيثا نافعا" ولكن بفعل التدمير الذي يراه بالطرقات وما أصاب المنازل من دمار وما أصاب المواطن من تأخير للوصول إلى مقرات العمل أصبح يرى في قطرة الماء سببا ممكنا للمشاكل.

حالة طلبتنا حالة متميّزة في تأخّر حصص امتحانهم بسبب الأمطار، وديان ومستنقعات مائية بحيّ الرياض سوسة أمام الكليات منعت الطلبة من بلوغ الكلية، ومعه اضطرت الإدارة إلى تأخير انطلاق الامتحانات، كما شهدت بعض مؤسسات جامعة المنستير نفس الوضعية، أساتذة هاتفوني ليلا حائرين، وحائرات أين سيقضون ليلتهم بمدن لا فنادق فيها وبمدن أغلقت المياه كلّ المسالك للخروج منها، تقودك سيارتك نحو سوسة وتتوقّف منتصف الطريق وتعود، تذهب باتجاه المهدية العاشرة ليلا فلا تدركها لأنّ المياه قطعت الطرق، تهاتفني طالبة بالمهدية أين المفرّ وليس بإمكاني العودة فقد تقطعت السبل، يهاتفني زميل عالق بماء بالمهدية، ماء على ماء فوقه ماء تحته ماء بمدن ساحلية.

حالة من الماء المتراكم فوق ماء ونشراتنا الجويّة في حالة استنفار تتوجّه إلى المواطن بنفس المعلومات البالية منذ عهود وطرقاتنا دمّرتها السيول الإدارية المتراكمة عبر سنوات من الرشوة والمحسوبيّة، طرقات نخرها الماء وبين الحفرة والحفرة حفرة، وقنوات تصلح لتصريف كل شيء ماعدا تصريف المياه، ومقاولات تتذّكر الماء شتاء وتقطع الطرق لمدّ القنوات شتاء وتعطّل السير شتاء حتى يتوقف السائق بنقطة واحدة ساعتين ويتأخر العامل والطالب ويمنع هذا الطالب من إعادة امتحانه لأنّ منشور الامتحانات واضح في المسألة، ويتكبّد الوليّ مصاريف إضافيّة تثقل كاهله لأن ابنته قضّت ساعة أمام كلية الآداب تحاول بلوغ باب الكلية لإجراء امتحان، حتى إذا دخلت القاعة بثياب مبتلة مرضت وما تمكّنت من إنجاز فرضها كما يجب.

حالة من الغضب الشعبي لمنسوب ماء عاديّ، كميّات منتظرة منذ مدّة ومن المفروض أنّ النسيج الإداريّ قد استعدّ لها، مدن ساحلية صلبها طبيعيّ ومجرى الماء نحو البحر طبيعيّ تغرق في "شبر ماء"، مدن ساحلية قال بعض الثوريين جدّا أنّها تنعم ببنية تحتية متميّزة فإذا بأهلها واقفين بالماء وسط الماء مع ماء يغمر سياراتهم أو عند الميكانيكي يصلحون ما كسّرت الحفر من دواليب، حفر لا تعرف بالضبط متى تسقط فيها وتبتلعك أنت وسيارتك، يكفي أن تعاينوا ما انتشر على موقع التواصل الاجتماعي من انفلاق الطريق أمام المقرّ الرئيسي للحماية المدنية بالمنستير، انفلاق بلا سابق إنذار كاد يبتلع سيارات، عاينوا الطابور الذي كان منذ يومين أمام كلية الحقوق والعلوم السياسيية، عاينوا المحيط الهادر الذي كان منذ يوم أمام المدخل الرئيسي لكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة.

حالة شتى لخسائر مالية تسببت فيها الأمطار وانقطاع التيار الكهربائي وإفساد المولّدات ببعض المخابر والحديث هنا عن المليارات، حالة واحدة من الماء كشف عورات وزارة التجهيز بكلّ متدخّليها، وكشف عورات وزارة المواصلات، والغريب أنّ وزيرا محترما نبّه منذ أيام إلى حالة العطش التي قد تقبل عليها البلاد نظرا إلى النقص في احتياطي المياه بالسدود التونسيّة، تحذير شهدنا آثاره من قطع متقطّع للماء، نفس الوزير طلع بعد الماء يطفو فوق زورق من الكلام ليبشّر بالماء، دون خطّة لماء السدود، فملأ الآذان بالكلام كما الماء يجري بلا صوت ولا أثر.

حالة شتى لمدن سيغرقها الماء وترحل معها ملفات البيروقراطية النائمة صيفا النشطة شتاء، بيروقراطية ستحار فيها الأمم المقبلة، عمّل ندفع لهم لتصريف القنوات يتفرجون، إدارات من المفروض أنّها تشتغل في الماء توكل الأمر إلى صفقة عمومية لمقاول، عمّال بلدية يشربون القهوة أمام البلدية ولا يعنيهم الأمر فهم موظفون مترسمون، وما على البلديات سوى التعاقد مع مقاول ليقوم بعملهم، قس على هذه الحالة شركة الكهرباء والغاز وشركة الاتصالات، وزارات انتدبت عمّالا لهذه الحالات من التدخّل ثمّ بقدرة قادر حوّلت المهمّة إلى مقاولين على الحساب الخاصّ، مجتمع سريالي يهوى الماء ويخشى الماء ويغرقه الماء ويُميته الماء ويحييه الماء، لكنّه في الوقت ذاته لن يجعل هذا الماء بتونس كلّ شيء حيّا.


ملاحظة المحرّر: هذا التقرير هو مقال رأي، يعبّر عن رأي كاتبه وغير ملزم لـ "جوهرة أف أم" ولا تتحمل مسؤولية ما جاء في المقال.  

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg