الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/01/27 15:29

على هامش الفصل السادس بقلم منصف الوهايبي

على هامش الفصل السادس بقلم منصف الوهايبي

عن قتادة عن عكرمة عن ابن عبّاس قال: "قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: رأيت ربّي في صورة شابّ[أمرد] له وفرة جعد قَطَط في روضة خضراء" 

  من المؤسف حقا أن يعيدنا بعض "إخواننا" التونسيّين، إلى قضايا دينيّة ولاهوتيّة خلْنا النسيان طواها والزمن عفّى عليها. ومع ذلك ها هي تطلّ علينا هذه المرّة من أروقة  المجلس التأسيسي بعد المصادقة على "منع التكفير"، في مشهد مسرحيّ بائس؛ يذكّر بما يرويه قدماء العرب عن "القصّاصين" في المساجد أو في مجالسهم. ومثال ذلك ما ساقه ابن الجوزي في "كتاب القُصّاص والمذكّرين":" كنّا نأتي مجلس صلح المرّي، نحضره وهو يقصّ.

وكان إذا أخذ في قصصه، كأنّه رجل مذعور؛ يفزعك أمره من حزنه وكثرة بكائه؛ كأنّه ثكلى..." وكان منهم أي هؤلاء القصّاصين من يقوم بحركات تمثيليّة، فيعمد إلى إخفاء وجهه، وهو يرتعد، أو يمزّق ثيابه، ويلقي بنفسه من أعلى المنبر، أو هو يضع على عينيه نوعا من الأفاويه الحارّة التي تُسيل الدمع. وكان بعضهم ـ كما ذكرت صديقتنا الباحثة المصريّة الراحلة ألفت الروبي ـ يُلبس المنبر خِرَقا ملوّنة، ويعلّق المُصلّى عل الحائط، ويتزيّن هو بالثياب، ويكثر من الحركات والإشارات التي تستميل النساء. وكان بعضهم يتّخذ الكراسي المرتفعة كما هو الأمر في المجلس التأسيسي ، في إشارة دالّة إلى علوّ مكانته.

كلّ هذا من أجل "منع التكفير" في بلد مثل تونس عُرف بسماحة أهله، وإسلامهم المعتدل. ومهما يكن فكلمة" تحجير" التي تمّ حذفها، غير دقيقة. فقد جاء في لسان العرب: حَجّرَ القمر: صارتْ حوله دائرة. وحجّر الطين: تصلّب وصار كالحجر. وتحجّر الرجلُ: اتخذ حجرة. وتحجّرَ على فلان: ضيّق عليه. وأمّا" الحجْرُ" فهو المنع طلقا. وعليه فإنّ صياغة الفصل السادس، باستبدال" منْع" ب"تحجير"، لا يغيّر لغةً شيئا؛ بل يحتفظ للنصّ الأول بكامل معناه ودلالته، وهو منع التكفير منعا مطلقا.

والغريب أن ينسى هؤلاء وهم على ما يبدو خليط من السلفيّين  والمرضى دينيّا، أنّ السلفيّة التي ترجع إلى مذهب ابن حنبل وابن تيميّة وتستأنس بهما في صياغة مقولاتها ومقالاتها، هي التي تقول بالتجسيم مثلا ؛وهو موجب للتكفير عندهم، سواء أكان أتباعها يعون ذلك أم هم لا يعونه .فقد اختلف المسلمون في مسألة التجسيم، وكانت قضيّة الكلام الإلهي أهو قديم أم حادث، سواء عند المعتزلة ومن والاهم، من الشيعة الإماميّة من الذين قالوا بحدوث القرآن، أي أنّه لم يكن ثمّ كان، أو هو ليس قديما قدم الذات الإلهيّة، أو عند خصومهم من الحنابلة، مدار هذا الخلاف الذي كان داميا في فترة من تاريخ الإسلام.

يقول المحقّق الحلي :" ومن لواحق الكلام في الصفات الكلام في كونه متكلماً ، وقد أجمع المسلمون على وصفه بذلك ، ووصف به نفسه بقوله : " وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا" سورة النساء 164

ثمّ اختلفوا في معنى ذلك، فقال أهل الحق إنه متكلّم بمعنى أنه فعل الكلام الذي هو الحروف والأصوات، وأنّ ذلك الكلام محدث ومجعول ومخلوق، بمعنى أنه فاعل له.
أمّا خصوم هؤلاء من الحنابلة فقالوا بأنّ القرآن غير مخلوق، وهو كلام الله، وكلامه إنّما هو هذه الحروف والألفاظ التي تنتظم النص القرآني. وذهب الأشاعرة مذهب الحنابلة، وخالفوهم فقالوا بأنّ المقصود" الكلام النفسي" القائم في الذات الإلهيّة.

وقد لا يخفى أنّ القول بذلك ممّا ينجم عنه تقييد الذات الإلهيّة، بالزمان والمكان، ووصفها بالتحيز والتجسم، وما إلى ذلك من لوازم المادة ومواصفات الجسمانيّة. وكان من ذلك أن شبّهوا الله بإِنسان له لحم ودم وشعر وعظم وأنّ له جوارح و أعضاء حقيقيّة من يد ورجل و رأْس و عينين وأنّ له وفرة سوداء، و شعرا قططا.
 وجاء في فتاوى ابن تيميّة من باب الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين:
‏ "فإن سئلنا‏:‏ أتقولون للّه يدان‏؟‏ قيل‏:‏ نقول ذلك، وقد دلّ عليه قوله تعالى‏:‏ ‏‏يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ‏‏ ‏[‏الفتح‏:‏10‏]‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ‏‏ ‏[‏ص‏:‏75‏]‏، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"إن اللّه مسح ظهر آدم بيده فاستخرج منه ذريته، وخلق جنة عَدْن بيده، وكتب التوراة بيده‏...وغرس شجرة طوبى بيده‏".

   فلو كان هؤلاء الأسلاف بيننا، لبادر" إخواننا" من المرضى دينيّا، إلى تكفيرهم.. إن لم يكن إلى تصفيتهم.. لم يبقَ لنا حقا سوى أن نسال الله السلامة في إسلامنا التونسي السمح.

 

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg