الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/08/24 10:17

يسار على يمين الواقع

يسار على يمين الواقع

بقلم سعد برغل

هو سؤال كان يطرق وعيي منذ زمان، منذ كنت تلميذا بأحد معاهد الجنوب وحملته معي إلى دار المعلّمين العليا وسافر معي في بلدان كثيرة، سؤال كنت أقول عنه" غبيّ" لا يحمله دهرا سوى غبيّ مثلي، لكن لفرط  ما يحدث بتونس واليمن ومصر وليبيا منذ سنوات ثوراتها الموؤودة بدأت أعي فعلا وجاهة السّؤال .

يقول السّؤال" هل يقدر اليسار العربيّ على الحكم"؟، ستسألني أنت، خاصّة إن كنت من أحد  تشقيقات اليسار أو من ضواحيه، " ما الذي يدفعك إلى مثل هذا السّؤال الذي يقول  ضمنيّا "إنّ اليسار العربيّ غير قادر على الحكم"، أقول لهذا السّائل المتعجّب" ما العجب يا رفيق، اعطني بلدا عربيّا واحدا حكمه اليسار العربي منذ ظهور ماركس مرورا  بظهور الاتّحاد السوفياتي وانتهاء بسقوط جدار برلين، لن أتحدّث عن الأحزاب الشيوعية أو اليساريّة التي ظهرت ببلدان مثل لبنان وسوريا والعراق وتونس، ولن أتحدّث عن الكتّاب الرّافعين ليساريتهم على صفحات كتبهم، كلّ هؤلاء من باب الزّينة ومتعة الحكم ورفاهيته  للحاكم العربيّ و للسلطان العربيّ و لأمراء المؤمنين العرب وجلالة الملوك العرب والعسكريين العرب."

هل يتعفّف اليسار عن الحكم أم يمتنّع عن الحكم  أم يعجز عن الحكم أم يخاف من الحكم، إلى درجة تشهد تونس منذ أيام تجسيدا لمثل شعبي يقول"النعجة تتفاخر بليّة العلّوش" فاليسار يفاخر بنجاح رفاقه في الانتخابات باليونان ومثقّفو اليسار بتونس يقيمون الندوات للحديث عن الأسرار الإلهيّة وراء نجاح جبهة سيريزا في الوقوف أمام الوحشيّة الليبراليّة، ويتفاخرون بالرّفاق باليونان وتصدّيهم للامبريالية العالميّة وصندوق النقد الدّوليّ،

طبعا كان حالهم، مع اليونان، كحال الإخوان مع أردوغان وانتخابات تركيا التي لم يروا منها سوى ما يلمّع الإسلام السياسي، فلا حديث عن قمع الأقليّات مثل تقتيل الأكراد، ولا حديث عن مصادرة حريّة الصحافة والتظاهر التي لا يتذكّرها الإخوان إلا عند الحديث عن السيسي ومصر ويتناسوها مع أردوغان والبشير بالسودان وتحالف الناتو بقيادة السعودية باليمن وغفلوا عنها مع الإسلاميين عندما فازوا في انتخابات ليبيا وتذكّروها لمّا أطرد الليبيون فجر ليبيا.

لكن، علينا أن نقف من جديد أمام التاريخ العربي الحديث العرب، فالأحزاب اليساريّة  كانت سابقة في الظّهور على  الأحزاب اليمينية، وعرفت بعض بلدان آسيا ظهور الأحزاب الشيوعيّة قبل أن يدخلها النّفس الاخواني ولا أتحدّث طبعا عن الأحزاب الليبراليّة فهي الأسبق، المهمّ لأنّ هذه الأحزاب الشيوعية لم تتمكّن من فرض رؤيتها على المواطن العربي حتى قبل ظهور الإسلام السياسي أو عند اشتداد عوده، إلى درجة أنّ بعض رؤساء الأحزاب الشيوعيّة كانوا يؤمّون المصلّين لإقناعهم بأنّ شيوعيّتهم لا تتعارض مع الإسلام، لكنّهم رغم  ذلك لم يقدروا على الفوز طيلة تاريخهم وعلى كثرة الانتخابات بمقعد واحد في كلّ البرلمانات العربيّة تقريبا، التي سيصرخ يساري يائس إنها كانت نتيجة حتميّة لتزوير الانتخابات سواء بالممالك أو الإمارات أو الجمهوريات، انتخابات مزوّرة أو شفافة لك يكن فيها لليسار نائب واحد إلا إذا تكرّم الرئيس وعيّن نائبا قريبا في شعاراته من اليسار ليلعب لعبته القذرة في التنوّع داخل قبّة المجالس النيابية ولكم في ما قام به المخلوع في مجلسي النوّاب والمستشارين دليل.

لماذا يخاف اليسار من الحكم؟ لماذا يكتفي هذا اليسار برفع شعار الرّفض ولا يخوض تجربة الحكم الفعليّة، لماذا يتخندق وراء الاتحادات والنقابات ولماذا يعشق حدّ الهوس النجاح في المؤتمرات النقابيّة؟ لماذا رفض اليسار عامّة، بعد انتخابات أكتوبر،  الانضمام إلى جبهة موسّعة للوقوف ضدّ النهضة واليمين حتى لا تتسلّل من الشبّاك إلى الحكم ثانيّة؟ لماذا لم يناور لتعيين معتمدين؟ ولاّة؟ رجال دولة في مراكز سياديّة متقدّمة؛ مديرين عامّين مثلا، لماذا ترك الإخوان والندائيين ومن لا تاريخ سياسي له يلهث وراء منصب وبقي اليسار أمام بطحاء محمد عليّ يرفع شعاراته الجوفاء حول المحاصصة الحزبية والحقرة ومناطق الظلّ وعودة التجمّعييّن؟

لماذا اقترنت صورة حمّة الهمامي في ذهن المواطن العادي بالرفض وقول لا، لماذا أصبح ممثّل اليسار، على وقاره، رمزا لفشل هذا اليسار وتعاليه عن الممارسة الفعليّة للحكم، حتى من انتخب الجبهة لم يستوعب إلى حدّ اللحظة لماذا اختارت المعارضة ولم تكن في الحكم ولماذا اختارت الوفاء لهروبها إلى المطلبيّة والنقابيات والرفض على  أن تقوم  بما انتخبها الناس من أجله ألا وهو ممارسة السلطة، مهما كان موقع الجبهاوي؛  فبإمكانه أن يسعى إلى تغيير واقع لا يُرضيه، لكن اليسار العربي مخلوق منذ الأربعينات ليصرخ في الأزقّة ويردّد شعارات اليسار البوليفي وأغاني اليسار الإسباني و أطروحات تروتسكي ولأن يلفحه شهيلي الصحراء وتتجمّد أقدامه من صقيع سيبيريا.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg