Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/02/08 22:41

مقال رأي : دُعاة.. أئمّة..خطباء.. أم قُصّاص؟ أم مؤرّخون

 مقال رأي : دُعاة.. أئمّة..خطباء.. أم قُصّاص؟ أم مؤرّخون

 

ثمّة ظاهرة في الثقافة الإسلاميّة، لا أظنّها تخفى؛ بدأت تنتشر على نحو غير مألوف، بفضل وسائل الاتصال الجماهيريّة، وخاصّة الراديو والتلفزيون والفايسبوك ومتعلّقاته مثل الفيديوهات؛ وهي هذه القٍصص والخطب"الدينيّة" المسيّسة المتشنّجة التي يلقيها أفراد ينعتون أنفسهم بالدّعاة أو الأئمّة أو الخطباء أو الشيوخ.وربّما لاح الأمر عاديا أو لا غرابة فيه، فنحن العرب على تفاوت مجتمعاتنا وتباينها ثقافة وحضارة، نعيش عصر مشادّة وقلق،بل دمار نفسي وفكري، قد لا نشفى منه قريبا. وهو مروّع حقا، لم تسلم منه أيّ من هذه المنظومات الثلاث: التعليميّة والثقافيّة والدينيّة.

بل لعلّ الدمار يلوح في " الدينيّة" أشدّ فتكا.. بل ربّما لا غرابة أن يخطب أحدهم ناقما متسخّطا، وقد بدأت هيبة الدولة تذهب، وقوّتها تنضب؛ فيدعو إلى الغزو والجهاد وسفك الدم، بذرائع دينيّة واهية وقصص متهافتة.. فلا شيء عند هؤلاء الدعاة الأئمّة الخطباء القُصّاص، من سلاسة الطباع واستقرار النفس وهدوء الذهن؛ ممّا عهدناه في علماء الدين التونسيّين لحما ودما مثل الفاضل بن عاشور، أو من وضوح المنهج وقوّة المنطق وحسن الفهم. على أنّ ما يعنيني في هذه الفسحة ،جانب القصّ عند هؤلاء من الوافدين على عالم السياسة ـ وقد ذهب في ظنّهم أنّ ما يُسمّى ب"الإسلام السياسي" الذي يعادي الفكر الحديث ويرفض المنهج النقدي التاريخي في التفسير، شأنه شأن الأصوليّة البروتستانتيّة الإنجيليّة، يعيش عصر اكتمال قوّته وريعان عزّته، فيما هو إلى زوال إذْ هو ينهي نفسه بنفسه على نحو ما نرى في مصر حيث لم يميّز الإخوان بين أن يدير حزب فائز شؤون الدولة وبين أن يهيمن على دواليبها ـ  فتفنّنوا، من ثمّة، في إعادة تصوير الماضي وكأنّه عصرنا الذهبي او مستقبلنا المنشود.

الحقّ أنّ هذا النشاط الديني القصصي قديم في ثقافة العرب .بل هو يضرب بجذوره في ثقافة ما قبل الإسلام. وفي سيرة ابن هشام وغيرها، أكثر من إشارة إلى القَصّاص الذي يروي قِصص الأمم القديمة البائدة وتاريخ ملوكها. بيْد أنّ القصّ، لم يصبح له شأن إلاّ في العهد الأموي الأوّل على نحو ما فصّلتْ فيه القول الباحثة المصريّة الراحلة ألفت كمال الروبي في كتاب صغير الحجم، ولكنّه في غاية الأهمية، وسمته ب"الموقف من القصّ في تراثنا النقدي". وقد أهدتني نسخة منه خلال زيارة قديمة إلى القاهرة. وفي هذا الكتاب تشير الباحثة إلى أنّ معاوية بن أبي سفيان هو أوّل من نصّب قاصّا رسميّا له، هو سُليم بن عِتر التجيبي، وحرص على أن يجمع بين القصّ والقضاء.

وقد وقفتُ شخصيّا على مثل هذا في تفسير اين كثير. يقول عن سُليم هذا :"من أغرب ما هاهنا: ما رواه أبو عبيد: حدّثنا سعيد بن عُفَيْر، عن بكر بن مضر، أن سليم بن عتر التجيبي كان يختم القرآن في ليلة ثلاث مرات، ويجامع ثلاث مرات. قال: فلما مات قالت امرأته: رحمك الله، إن كنت لتُرضي ربك وتُرضي أهلك، قالوا: وكيف ذلك؟ قالت: كان يقوم من الليل فيختم القرآن، ثم يلمّ بأهله ثم يغتسل، ويعود فيقرأ حتى يختم ثم يلمّ بأهله، ثم يغتسل، ويعود فيقرأ حتى يختم، ثم يلمّ بأهله ثم يغتسل، ويخرج إلى  صلاة الصبح." ويضيف ابن كثير"كان سُليم بن عتر تابعيا جليلا ثقة نبيلا وكان قاضيا بمصر أيام معاوية وقاصّها." وربّما كان لهذه الجمع بين القصّ والقضاء، دلالته أي إضفاء الصفة الشرعيّة والرسميّة على القصّ. وهذا تأويل سائغ مقبول، يعزّز من وجاهته، ما ينقله ابن الجوزي في "كتاب القُصّاص والمذكّرين"عن تميم الداري وكان نصرانيّا  ثمّ أسلم. ويروى أنّه أول من أسرج السراج في المسجد، وأنّه الذي صنع منبر النبي. ولكن ما يعنينا في السياق الذي نحن به، أنّه الوحيد من الصحابة الذي روى عنه النبي محمّد(حديث الجسّاسة والمسيح الدجال). وفي كتاب ابن الجوزي أنّ تميما هذا استأذن عمر بن الخطاب في القصّ بالمسجد، فأذن له. ولعلّ في هذا ما يدلّ على أنّ القاصّ لم يكن يُسمح له، بمباشرة عمله، إلاّ بإذن من ذوي السلطان أي الخليفة أو الوالي. أمّا لماذا فعل معاوية ذلك، فمردّ الأمر على ما يبدو، إلى شيوع القصّ بعد حروب الفتنة، "ممّا دفع إلى ضرورة احتواء الدولة الأمويّة الجديدة للقصّ" بعبارة ألفت الروبي، خاصّة أنّ هذا القصّ كان القدماء يأخذون به على أنّه حقيقة، وهو الذي التبس عند أكثرهم بالتاريخ والأسطورة. والتاريخ نفسه ينضوي إلى "التاريخ" سواء أكان وعيا به أو وعيا فيه أو تعبيرا به أو تعبيرا عنه. وقد قال فيه كروتشه قولته المأثورة" كلذ تاريخ إنّما هو تاريخ معاصر". وقد عدّه البعض، علم التماثلات المعقّدة والرؤى المزدوجة، لأنّه ليس إلاّ طريقة في دراسة الحاضر أو "الحال" كما كان يسمّيه العرب، على أساس من الماضي أو بسند منه. ولا نخال أنّ هناك من يجادل في أنّ وقائع الماضي تكتسب أكثر من معنى كلّما أعيد أداؤها أو صياغتها على ضوء القضايا والمشاغل المعاصرة التي تحفذ الناس في مسالك حياتهم؛ حتى ليصحّ القول إنّ "حقائق" التاريخ ممّا يُخلق خلقا ويُكتشف اكتشافا، خاصّة أنّ المؤرّخ مطالب بالأمانة وليس بالموضوعيّة، في استئناسه بالوثائق والآثار والشهادات. فوجود هذه "الحقائق" خارج نظام مفهومي او خارج حالتها "الطارئة" مساوٍ من الناحية العلميّة لعدم وجودها. بل أنّ ليفي ستراوس ـ وهو من هو ـ يرفض أن يكون هناك تاريخ، وإنّما تواريخ. وكل" تاريخ، في منظوره ، ليس إلاّ تفسيرا يقدّمه الفلاسفة والمؤرّخون عن ميثيولوجيّتهم الخاصّة. والانسان في تقديره إنّما يعيش في الأسطورة، وينشد ملاذا في التاريخ الذي هو أسطورة من نوع آخر. ولعلّه بهذا إنّما يقف على طرف النقيض من سارتر الذي يرى أنّ الانسان يعيش في التاريخ، وينشد ملاذا في الأسطورة

 

منصف الوهايبي

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg