الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/01/31 16:49

بقلم منصف الوهايبي : في ترتيب العلاقة بالنصّ القرآني ترجمة القرآن إلى الأمازيغيّة ؟

  بقلم منصف الوهايبي : في ترتيب العلاقة بالنصّ القرآني  ترجمة القرآن إلى الأمازيغيّة ؟

حاولت في كتابي "الله والمتكلّمون معه في القرآن: القرآن بين الشفوي والكتابي" الصادر حديثا عن دارآفاق ـ تونس، أن أعالج ظاهرة، أكاد أقرّر أنْ لا أحد ـ في حدود علمي ـ  التفت إليها أو نهض بها  في "القرآنيّات" الحديثة، وهي ظاهرة "الخطاب المنقول". وسعيْتُ إلى أن أستوفيها بعض حقّها، استئناسا بسورة يوسف خاصّة. وقد لا يخفى أنّ نقل كلام الآخر، يلزم "الناقل" تغييرا في الكلام المنقول؛ يشمل الضمائر والأفعال وظروف الزمان. والحق أنّنا لم نجد من عُنِيَ بهذه الظاهرة النحويّة عند العرب المعاصرين. ونعني تلك التي كان مدارها على الفعل "قال"؛ كما هو الشأن عند سيبويه  في باب (الأفعال التي تُستَعْمَل وتُلغى)  و(قُلتُ) التي تقع في كلامِ العربِ على أنْ يُحكى بها. وتوظيف ابنُ جنّيّ هذا النصَّ؛ في سياق كلامه على  ما كانَ مِن الألفاظِ قائماً برأسِه، مستقِلا بمعناه.  بيْدَ أنّ القدماء على جلال قدرهم وعلمهم، لم يُعنوا كثيرا بإبراز الفروق بين القول والكلام، وحكاية الكلام أو حكاية القول التي نبّه إليها عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز"، والنقل باللفظ، والنقل بالمعنى.

وهذا وغيره ممّا ينبغي أن تنهض به "القرآنيّات" الحديثة، يستدعي في تقديرنا إعادة ترقيم النصّ القرآني، باستخدام علامات الوقف الحديثة، وأن نحتفظ له في الآن نفسه، بعلاماته المأثورة أي تلك المتعلّقة ب"لحظات الوقف" التي تتيح تلاوته على نحو مخصوص.

والترقيم كما هو معلوم، لم يظهر بظهور الخط، وإنّما كان لاحقا. ولعلّنا ندين بظهوره إلى مكتبة الإسكندريّة في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد، مع ثلاثة من كبار النحاة هم "زينودوت" و"أريستوفان دو بيزنس" و"أريستارك"

 

 

 وعليه نقترح اعتماد الترقيم الحديث؛ لأنّه سيمكّننا من إعادة قراءة هذا النصّ العظيم، فنميّز "الكلام الإلهي" من "الكلام البشري". من ذلك مثلا أنّ الآيات الآتية من سورة يوسف؛ وقد رقّمناها الترقيم المعمول به منذ ظهور الطباعة؛ توقفُنا على أنّ وصف النساء ب"الكيد العظيم"، وصف بشريّ، أو كلام بشريّ، وليس كلام الذات الإلهيّة إذ الكلام [حكاية القول] مُسندٌ إلى العزيز زوج زليخة أو "راعيل" كما هو عند الطبري

 

 

   وَاسْتَبَقَا الْبَابَ، وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ؛ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ. قَالَتْ: "مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا؟ إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ  أليمٌ

قَالَ: "هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي." وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ، فَصَدَقَتْ؛ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

    وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ، فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ

   فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ؛ قَالَ: "إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ. (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ.)

"يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا! وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ

وقسْ على هذا آيات أخرى كثيرة، يُسند فيها الكلام إلى الملائكة والشيطان، وإلى الانسان والحيوان؛ من شأن الترقيم الحديث أن يمكّن من قراءتها قراءة سياقيّة، وأن يجلوَها في مجلى أوضح. من ذلك مثلا

ـ  وضع نقطة التعجّب في نهاية الجملة التعجّبيّة بعد حروف أو أصوات التعجّب أو تلك التي تعبّر عن مفاجأة

ـ  وضع علامة الاستفهام في نهاية الجملة الاستفهاميّة

ـ  وضع الأقواس لعزل كلمة أو مجموع كلمات. وهي تتعلّق عادة بتفسير عبارة، أو بتعقيب أو تعليق دون رابط من تركيب نحوي مع باقي الجملة. وربّما كان من الأفضل عدم الإكثار منها؛ حتى لا تتسبّب في تقطّع الكلام، وفي تعقيد قراءته وفهمه. وفي القرآن يمكن أن نقتصر على آيات أو أجزاء من آيات. ولا ينبغي أن ننسى وضع النقطة داخل الأقواس؛ كلّما انتهى التعليق

 ـ  وضع المطّة كلّما تعلّق الأمر بحوار، وهي تدلّ على تغيّر المحاور. ويمكن أن تؤطّر جملة أو جزءا منها. وهي تؤدّي الدور نفسه الذي تؤدّيه الأقواس او الأهلّة

ينبغي نقلها كما هي. ويمكن لمن أراد ان يختصرها، أن يشير إلى القسم المحذوف من النص أو الشاهد؛ بالمعقوفين

 

ـ وضع المزدوجتين أو علامات التنصيص. وهي تؤطّر كلمات أو عبارت شخص ما

ويمكن أن نقدّم للمزدوجتين، بنقطتين؛ في سياق الخطاب المباشر." وإذ قال يوسفُ

لأبيه: "يا أبتِ ...". ولنا في القرآن أن نستخدم المزدوجتين لإبراز كلمة أو عبارة غير مألوفة أو هي غير معهودة أو هي من الغريب

ومثال ذلك: غسلين ـ  الرقيم ـ  كلالة ـ  مبلسون ـ  أخبتوا ـ  حصحص ـ المسجور ـ قمطـرير ـ عسعس ـ سجيل ـ الناقور ـ فاقرة ـ استبرق ـ مدهامتان

ـ  وضع النقطتين: للتعداد، أو للتسير، أو للشاهد أو للخطاب المنقول

    ـ  وضع الفاصلة للدلالة على وقفة قصيرة، دون أن تكون النبرة قد تغيّرت أي نغم الترتيلة في السياق الذي نحن به. وتستعمل أيضا للتعداد، أو للفصل بين كلمات أو مجموع كلمات من جنس واحد أو جمل متجاورة أو جمل مترابطة. ونحن نقترح استعمال الفاصلة في القرآن، حتى وإن كانت حروف الجرّ يمكن أن تنوب منابها. والمسوّغ لذلك أنّ لحرف "الواو" جملة من المعاني، قد لا تتّضح، إن نحن أغفلنا هذه الفاصلة؛ خاصّة أنها يمكن أن تنوب مناب روابط النسق مثل: وـ أو ـ لكن

ـ وضع الفاصلة والنقطة للدلالة على وقفة أهمّ من الفاصلة وحدها حيث الصوت لا ينخفض إلاّ قليلا. وهي تفيد أيضا في الفصل بين جمل أو عبارات، رابطها محدود أو هو ضعيف. وتستخدم كلّما افتتحت الجملة الموالية بظرف أو حال

 

فلعلّ تصوّرا كهذا الذي نقترحه أن يجعل طريقتنا في قراءة النصّ القرآني، أغنى وأحكم نظاما، وأن يساعدنا على إدراك أهمّ الصّلات والتّعارضات بين "شفهيّته" و"كتابيّته"، وفهم الكثير من أسباب تفاوت إنشائيّته، وإعادة ترتيب العلاقة به.

***

وإلى اللقاء في مقالي القادم، حيث أحدّثكم عن ترتيب العلاقة بالنصّ القرآني من منظور مختلف تماما: ترجمة القرآن إلى اللغات المحلّية. وأنا أقصد في السياق الذي أنا به كتابا وصلني من الجزائر الشهرَ الماضي: "الجامع الميسّر لمعاني القرآن العظيم باللغة الأمازيغيّة" الجزء الأوّل ـ لسامية مشتوب وكهينة زموش ـ رعاية وإشراف: مديريّة الشؤون الدينيّة والأوقاف لولاية تيزي وزّو ـ الجزائر2013

وقد لا يعرف بعضنا أنّ مارتن لوثر هو الذي نهض بترجمة خاصة به للكتاب المقدس، بلغته المحليّة بدلاً من اللغة اللاتينيّة التي كانت الكنيسة الرومانية  تجيز استخدامها لقراءة الكتاب المقدس دون غيرها من اللغات. ويؤكّد الباحثون أنّ هذه الترجمة كان لها أثر كبير في الكنيسة وفي  الثقافة الألمانيّة خصوصا والغربيّة عمومًا. وأقدّر أنّ طرح مثل هذه القضيّة عندنا، من شأنه أن  يبيّن لأدعياء "الهُويّة" أنّ الأمر يتعلّق ب"هويّات" هي أشبه برمال متحرّكة، وليس بثوابت؛ فالمتحوّل هو الثابت الوحيد في تاريخ الانسان.

 

 

 

 

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg