أحداث 3 جانفي 1984 : ملحمة الخبز والدم
ثلاثةُ عقود و نصف مرت على ملحمة الــ 3من جانفي عام1984 التي سبقتها انتفاضات صغيرة كانت بمثابة القادح لثوة الخبز ففي اواخر ديسمبر عام 1983 صدر قرار حكومي للترفيع ب70 بالمائة في ثمن العجن و بالتالي مضاعفة سعر الخبز على أن يدخل حيز التنفيذ في اول جانفي 1984.
و قد واجه أهالي الجنوب في البداية القرار الحكومي بالخروج الى الشوارع في حركات احتجاجية تنديدا بسياسات حكومة المرحوم محمد مزالي الوزير الأول التي عمقت الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية و كانت لها تداعيات سلبية عميقة على الواقع اليومي للمجتمع التونسي ..
خرج أهالي قبلي و دوز و قابس و مدنين و تطاوين و قفصة معلنين العصيان على دولة الحبيب بورقيبة ثم تحركت هذه الاحتجاجات و اتسعت رقعتها و انتشرت لتشمل باي ولايات الجمهورية و مع اقتراب دخول قرار الزيادة في العجين والخبز حيز التنفيذ يوم 1جانفي عام 1984 ازداد الغضب الاجتماعي قوة وحدة و توسعا حيث انتفضت العاصمة التونسية بأحوازها المفقرة فكان يوما دمويا حيث تم استهداف المؤسسات الرسمية و مراكز الامن و المؤسسات المالية و تمت مهاجمة و اتلاف كل ما يدل على الثراء في ذالك الوقت ...فتم اعلان حالة الطوارئ في الـ3 من جانفي 1984 و منع الجولان مع تعطيل كل مظاهر الحياة اليومية و اغلاق المعاهد و الجامعات و صدرت تعليمات للجيش للنزول الى الشارع.. فكانت المواجهات قمعية و دموية و قاسية جدا ذهب ضحيتها مئات الشهداء من الشباب التلمذي و الطلابي و العمالي اضافة الى عدد كبير من الاعتقالات و الايقافات و استمرت المواجهات بين المدنيين و قوات الجيش و اشتد النزاع و لم تتردد القوات المسلحة في اطلاق النار على المتظاهرين و احترقت البلاد و استمر اشتعالها الى الـــ6 من جانفي من نفس العام حيث اعلن الحبيب بورقيبة في كلمته المشهودة عن التراجع في قرار الترفيع في اسعار الخبز بقوله" نرجعو كيف ما كنا قبل الزيادات .." و إعادة النظر في الميزانية الجديدة في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المنهارة وعدم تحميل المواطن أعباء هذا التدهور.
8 أيام تمت فيها اعتقالات واسعة في صفوف النقابيين و نشطاء سياسيين و صدرت أحام وصلت الى المؤبد و تم رفع حالة الطوارئ في 25 من جانفي و تم قبل ذلك بايام اعفاء وزير الداخلية ادريس قيقة من مهامه .
ملحمة الــــ 3 من جانفي 1984من المحطات المشرقة في تاريخ هذا الوطن الذي عطرت ترابه دماء الشهداء الأبرار ..أحداث نقشت في ذاكرة تأبى النسيان.
هاجر النوالي
| تحميل |
