Français|

الاستقبال >أخبار >دولية

دولية2019/04/11 10:19

بعد عزل البشير : هل سيتمّ انهاء 3 عقود من حكم الإسلام السياسي في السودان؟

بعد عزل البشير : هل سيتمّ انهاء 3 عقود من حكم الإسلام السياسي في السودان؟

يبدو أن الرئيس السوداني عمر البشير "المخلوع" سوف لن يتمكّن من الاحتفال خلال أسابيع قليلة بالذكرى الثلاثين للانقلاب العسكري الذي دبرته الجبهة القومية الإسلامية التي تعتبر الفرع السوداني لجماعة الإخوان المسلمين، لتفرض سيطرتها على السلطة لثلاثة عقود، وهي أطول فترة ينالها نظام حكم عسكري أو مدني منذ أن انتزع السودان استقلاله عن المستعمر الإنجليزي في جانفي 1956.

وكانت تقارير دولية أفادت في وقت سابق من اليوم بأن ضباطا من الجيش السوداني أبلغوا الرئيس عمر البشير أنه لم يعد رئيسا للجمهورية.
وأعلنت القوات المسلحة السودانية صباح الخميس أنها بصدد إصدار بيان هام، بينما انتشرت آليات عسكرية في محيط القصر الجمهوري.
انقلاب "إسلامي" 
وتعتبر السودان بيئة حاضنة لجماعة الاخوان المسلمين واذرعها منذ عشرات السنين، رغم الضغوط التي مورست على "الرئيس" السوداني عمر البشير بضرورة تسليمهم وتخلي سلطات بلاده عن استضافتهم.
وتعود سيطرة البشير على الحكم إلى 30 جوان 1989 حيث لا يخفي البشير انتماءه للتيار الإسلامي، كما أن الانقلاب الذي قاده ضد حكومة الصادق المهدي وسمي "ثورة الإنقاذ"، دعمه الإسلاميون.
ويعتبر البشير أحد تلاميذ المفكر الإسلامي وزعيم الإسلام السياسي في السودان، حسن الترابي، ولفترة طويلة كان السودانيون يقولون إن البشير رئيس في النهار وتلميذ منضبط في الليل، وإن الترابي هو الحاكم الفعلي للبلاد، وفق تقرير "الجزيرة" الذي ذكّر بانقلاب البشير على الترابي قبل أن يزج به في السجن أكثر من مرة.
ويصر معارضون لحكم البشير المقيمون خارج السودان أساسا على وصف حكومته بحكومة انقلابية تبنت برنامجا دينيا يتخطى حدود السودان ويهدف لإحياء الخلافة الإسلامية، وفق تعبيرهم. 
كما وجهوا له أصابع الاتهام بتحويل الحرب الأهلية في جنوب السودان لحرب دينية يخوضها النظام تحت مسمى "الجهاد" الهادف لتثبيت أركان دولة الشريعة الإسلامية، هذا فضلا عن فتح أراضي السودان لقيادات الحركات المتشددة من كل أنحاء العالم بمن فيهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وغيرهما.
عداوات
وقد أثارت هذه التوجهات عداوات غير مسبوقة بين السودان وجيرانه، حين قام النظام الانقلابي بدعم الحركات الجهادية في إرتريا وأثيوبيا ومصر من أجل إسقاط الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.
ويرى مراقبون أن سياسة البشير قد عزلت السودان عن جواره الإقليمي وعن العالم. ودفعت بالولايات المتحدة الأميركية إلى ضم اسمه لقائمة الدول الراعية للإرهاب، وكذلك فرضت عليه عقوبات اقتصادية ومالية شاملة، وهو الأمر الذي قامت به أيضا العديد من الدول الأوروبية.
كما يتهم تقرير نشرته "الحرة الأميركية" نظام البشير بمحاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أثناء حضوره لمؤتمر القمة الأفريقية في أديس أبابا في عام 1995 وهي المحاولة التي نفاها الراحل الدكتور حسن الترابي، حيث كشف زعيم ومؤسس الحركة الإسلامية فى السودان حسن الترابى، في تسجيل قديم له، عن أسماء المتورطين، مؤكداً أنه لم يكن هو والرئيس السودانى عمر البشير يعلمان بالأمر.
وقال "الترابى" فى حوار تلفزيونى مسجل، إنه علم بمحاولة اغتيال مبارك فى نفس اليوم الذى حدثت فيه، حيث أخبره نائبه على عثمان محمد طه "بشكل مباشر" عن تورطه فى العملية بمعاونة جهاز الأمن العام الذى كان برئاسة نافع على نافع.
دولة استخباراتية
وتفيد ذات التقارير بأن نظام البشير صنع دولة حربية استخبارية من الطراز الأول، انتهكت حقوق الإنسان وأشعلت حروبا أهليّة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. 
كما تتهم هذه التقارير سياسة نظام البشير بالتسبب في نتائج كارثية على البلد وعلى سكانه المتعدد الأعراق، حيث أدت إلى انفصال جنوب السودان وإعلان دولته المستقلة في العام 2011 ليدشن السودان مرحلة تاريخية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط من خلال مخططات غربية وبقيادة أميركية لإعادة تقسيم المنطقة العربية او ما يعرف "الشرق الأوسط الكبير".
ثروة اقتصادية مهدورة
ورغم الثروة الاقتصادية الكبيرة التي يتمتع بها السودان، يعاني شعب هذا البلد الغني من فقر مدقع نتيجة التدهور الكبير في قيمة الجنيه السوداني تجاه الدولار الأميركي، حيث كان سعر الدولار يساوي 10 جنيهات سودانية، في بداية حكم البشير ليعادل اليوم 42 ألف جنيه في انهيار حاد للجنيه السوداني.
كما بلغت التضخم أكثر من 111 %. ويعيش 47 % من السكان في السودان تحت خط الفقر ويحصل 25 في المئة على أقل من 1.25 دولار في اليوم الواحد.
ورغم تمتّعه بثروات طبيعية هائلة ومتنوعة، يتكبّد السودان أدنى وتيرة نمو محققة عربيا على مستوى متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
في المقابل وحسب أرقام صندوق النقد العربي، يتفوق السودان عربيا في الإنتاج الزراعي بعد مصر، حيث تقدر قيمة الزراعة في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي نحو 18 مليار دولار في حين تساهم الصناعات الاستخراجية وأساسا النفط، في تركيبة الاقتصاد السوداني بنحو 10 مليارت دولار. وتقدر قيمة الناتج المحلي الإجمالي للسودان بنحو 61 مليار دولار، حسب أحدث الأرقام المتوفرة.
"سلة العرب الغذائية"
ويعتبر السودان "سلة العرب الغذائية" حيث لجأت دول عربية وأساسا الخليجية منها إلى الاستثمار الزراعي في السودان في محاولة منها لسد فجوة عجزها الغذائي التي تعاني منه كل الدول العربية تقريبا.
ويُعوّل عربيا على السودان لتحقيق أمن المنطقة الغذائي وهو ما يفسّر إلى حد كبير اهتمام المستثمرين العرب بالاستثمار في السودان رغم مخاطر الصراعات التي تخيّم على أجواء هذا البلد.
بحر من البترول
كما ينصب اهتمام المراقبين في العالم للشأن السوداني وعلى راسهم الولايات المتحدة، على ثروته النفطية التي مكّنت السودان من إيرادات مهمة تفوق 12 مليار دولار . وتمثل عائدات النفط نحو 90 % من محاصيل السودان التي يجنيها بالعملة الأجنبية من خلال عمليات التصدير.
ويستأثر جنوب السودان المنفصل بدعم أميركي،  بنحو ثلاث أرباع إنتاج الذهب الأسود. وحسب دراسة أعدتها شيفرون الأميركية "فإن السودان يسبح فوق احتياطي ضخم من البترول".
بشكل عام، يرى مراقبون أن التجربة السودانية أثبتت فشل شعارات الإخوان المسلمين صاحبة مقولة إن "الإسلام هو الحل" ودعوتهم لتطبيق الشريعة وإقامة الدولة. وهو واقع اعترف به الدكتور حسن الترابي بعد فوات الأوان، حين قال إن "الحركات الإسلامية تريد إقامة دول إسلامية وتطبيق الشريعة ولكنها لا تعرف طريقة إقامة الدولة وشكلها. إن المشروع الإسلامي في الأغلب نظري لا علاقة له بالواقع".
ويختزل رئيس مركز الدراسات السودانية، المفكر والكاتب السوداني والناقد السياسي حيدر إبراهيم علي، في حوار كان أدلى به لـ "العرب" اللندنية"، تجربة الإسلام السياسي في السودان في كونها السبب الرئيس لكلّ الأزمات التي لحقت بالبلاد منذ الاستقلال إلى غاية استيلاء الإسلاميين على السلطة منذ في 30 جوان 1989.
لكن هل يمكن القول إن حقبة الإسلاميين في السودان قد ولّت وانتهت بعد التطورات السياسية الأخيرة في هذا البلد الغني أم أنهم سيسجّلون عودتهم هذه المرّة بشكل مختلف ومن باب "ديمقراطية الصناديق" تماما مثلما وقع في دول "ثورات الربيع العربي".
ع ب م - وكالات 

الطقس

اليوم 14.05.2025

المزيد
Economique Jawhara FM
horoscope.jpg
babnet.jpg