الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/07/27 12:01

سردوك جارتي

سردوك جارتي

بقلم سعد برغل

عندما فاجأني المختار الخلفاوي بمصطلح ديمقراطيّة انشاء الله، اهتززت طربا، شكرت المختار فقد نبّهني فعلا إلى عرج في الفكر السياسي، لا أعني الفكر السياسي اليميني فحسب بل كذلك الفكر السياسي اليساريّ، فكر اعتاد منذ السقيفة على صراع الجمال  البدويّة بصحراء نجد،

ولحظتها رآى كلّ مسلم في نفسه "فحلا" وسرت العدوى إلى الأدب فألف النقّاد كتبا في "فحول الشعراء"، و قرّب العارفون بالجمال بين الفحل الحيوانيّ والفحل الإبداعيّ، وتسرّب اللّفظ إلى عقدة العرب المسلمين التّاريخيّة؛ انزاح المصطلح من الحيوان إلى المبدع إلى الجنس، وبمرور الوقت تناست اللهجات العربيّة الحيوانَ الفحلَ والمبدعَ الفحلَ واستقّرت الفحولة في الجنس. وقد سأل النّقاد الأصمعيّ عن الفحل من الشّعراء فأجاب"هو من له  مزيّة على غيره كمزيّة الفحل على الحِقاق"،  ومن هذا ألّف العرب" فحولة الشعراء" و" فحولة الصّعاليك"، . ونشأ بعدها بالشرق مصلح آخر هو مصطلح "الفحولة الثقافيّة" حتى قيل عن سعيد عقل "شاعر لبنان" إنّه "فحل من فحول الشعريّة العربيّة الحديثة".

فحولة لم تعجب طبعا ولا تعجب طبعا الكاتبات المبدعات ورأت فيه ناقدات تواصلا للحيف السياسيّ الثقافي للعقل العربيّ، فقد عرفت الأدبيّة العربيّة القديمة الخنساء و رابعة، وذاع صيت الشّاعرات المغنيات أكثر من ذيوع صيت الفحول ولذلك فتواصل اعتماد الفحولة وصفا لأرقى درجات الشعريّة  دليل أنّ العقل النقدي العربيّ لم يخلّص بعد من إرث الجِمال والبعير وحادي العيس وصحراء نجد ، فكر كأنّ عربَه ومسلمين لم يمرّْوا برياض قرطبة ولم يعرفوا شعريات ابن زيدون ولطائف ولاّدة ولم يقرؤوا، طبعا، طوق الحمامة في الألفة والألاّف.

عرب وفدوا إلى الأندلس بعقلية البعير وفحولة الرّجل دون سواه، حتى أضحت الأندلس في زمن الأمويين الأوائل صدى للحجاز، و"هذه ثقافتنا ردّت إلينا"، ولم يرقَ العرب بها إلى مستوى جمال الفكر الأندلسي وسماحته، وبقي المبدع سجين الفحولة كما رسمها الأصمعيّ، فحولة لم تنفع معها ثقافة الأندلسيين، أهل هسبانبا، المتعلّقة برياضة المصارعة، فالمصارعة ليست ذات نكهة جنسية كمعنى الفحولة العربيّة، مصارعة الثيران مسألة ثقافيّة عميقة، صراع بين الإنسان والطبيعة، فارس يحاول برقصه وخفّته ترويض الطبيعة، فارس لا يختلي بطريدته بالصّحراء أو يغير عليها عندما يهبط الليل، فارس أندلسي يلبس أحلى زينته ويستدعي رفاقه، ويسهد رقصه آلاف العاشقين، عس الفحل العربيّ الذي يعمل منفردا ملثّما منفردا، ويطلع على قومه باعتباره فارس زمانه لا قرين له، فحل عربيّ لا مكان لمفهوم الجماعة والتكاتف في عقله، فرد فريد فرداني مفرد ومنفرد، يقابله أندلسي يرقص بحضرة الجمهور، ورفاق على 

أهبة  الاستعداد للمساعدة لو اقتضى الأمر،وتتحوّل اللعبة إلى رمزيّة ثقافيّة إذ تنطلق بإطلاق الثيران بالبلدة، ويشارك الجنسان في العمليّة الاحتفالية، كما تعرف مكسيكو سيتي مشاركة الجنسين، وطفقت جمعيّات حقوقيّة كثيرة تندّد بهذا الإجرام في حقّ الحيوان وتعاكس ما يراه البعض رياضة وجماليّة ترويض الطبيعة وانتهت المعركة الحقوقيّة بمنع إجراء مصارعة الثيران ببرشلونة ابتداء من  2008.

هل استفاد العرب الفاتحون لآسيا وعوّضوا خسارتهم في حلبات الصراع بإسبانيا؟ تقول المصادر إنّ الفاتحين الأوائل لآسيا انتبهوا إلى ما يوازي الفحولة الصحراويّة وينافس مصارعة الثيران الإسبانيّة، ويعمّق تلهّفهم إلى القتل والدّم والتّقتيل والتشفّي في خلق الله بشرا وحيوانات وطيرا، عثروا بآسيا على "الّدياكة"، فقرّروا تعويض خيبتهم بالأندلس بالاهتمام بهذا النوع من الرياضة الآسيويّة، فأنشؤوا شركات لتدبير أمر الدّيكة وتوفير "المحاضن" والإشراف على التقاتل الدمويّ بين ممثّلي العشائر الخليجيّة من الدّيكة، فترى الواحد منهم يقذف بالحلبة ديكه رافعا علم القبيلة، وتسمع صرخات الأمر بالقتل والتصفيّة الدّمويّة، وتتناثر الدّماء وتعلو الوجوه علامات الفرح بالانتصار القبليّ ويصبح الدّيك، ذاك الدّيك رمزا للفحولة المستعادة، ديك تعلّقت بهمّته مشاريع ماليّة وقيم قبليّة، انطلقت من الفارس المنفلت بالصحراء، لا يترك وراء سوى جماجم أعدائه، فارس منعزل ومتوحّد لقبيلة تذبح الذبائح إذا نبغ فيها شاعر أو فارس لنجد أنفسنا بعد فتح الأندلس وإضاعتها وفتح آسيا والتفويت فيها عربَ الديكة والطووايس التي تنتفخ زهوا وخيلاء، ولا تملك ثانيّة من الشجاعة لتقف أمام جمهور خليجيّ أبله، يصفّق للدّم، ويتشهّى الدّم، ويقطر دما، ويستلذّ بالطّفل بذبح ضابطا، وبذبّاح بطل يُمّرّر السكين برقاب مصريّين، ودِيكة مستعدّة لتفجير المراقد والمساجد، هي الرياضة العربيّة الممزوجة بمصارعة الثيران الملطّخة بصراع  الدّيكة.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg