Français|

الاستقبال >أخبار >ثقافة

ثقافة 2019/03/18 12:58

"سيكاتريس" عمل مسرحي يستحضر ندوب الماضي وينبه من وهم التحرر منها


الحد من حرية التعبير بل معاقبة كل من يتجرأ على نشر مواقفه بحرية، وقضايا الحب والخيانة واندثار القيم مقابل صعود الانتهازيين والوصوليين زمن الديكتاتورية وبعدها، كلها قضايا طرحها الدراماتورجي والمخرج غازي الزغباني في عمله الأخير "سيبكاتريس" عن نص لحاتم جوهر.

هذا العمل الذي قدم مساء الجمعة بفضاء "لارتيستو" بالعاصمة، في سلسلة عروض ثانية بعد عرضه لأول مرة في فيفري الماضي، يجمع كلا من الممثلين محمد حسين قريع ونادية بوستة ومحمد علي القلعي ومريم الدريدي وطلال أيوب.
"سيكاتريس" بما تحمله هذه الكلمة من إشارة إلى ندوب أو بقايا جروح غائرة، ظلت منقوشة لا على البشرة بل في أعماق أبطال هذا العمل انطلاقا من الصحفي الذي دفع غاليا ثمن محاولة تعبيره بحرية عن موقفه من حرب العراق في التسعينات مما كلفه خسارة مستقبله المهني وزوجته الحسناء، فتحول إلى سكّير يشرب كل ليلة حتى يثمل قبل أن يعود إلى بيته فيصبّ جام غضبه على زوجته التي كان تعرف عليها في ملهى ليليّ فيختلط عنده الماضي بالحاضر حيث ينتهي به الأمر إلى مستشفى الأمراض العقلية.
علامات الندوب أو "السيكاتريس" يلاحظها الجمهور انطلاقا من معلقة هذا العمل المسرحي، مرورا بفضاء العرض حيث تغيب الألوان وتحمل جدران الفضاء شبه ندوب رمادية اللون مع إضاءة خافتة حينا وغائبة أحيانا تماشيا مع تغيّر المكان الذي كان بيت الزوجين حينا والحانة أو الملهى حينا آخر ومقر الجريدة التي يشتغل بها الصحفي أحيانا. 
وفي كل الحالات ظل المكان ضيقا ضيق أفق أبطال هذا العمل ليبرز الاختناق الذي كانوا يعيشونه والضغوطات المسلطة عليهم زمن الديكتاتورية حيث لا مجال للتعبير الحر، فتكميم الأفواه هو القاعدة. ويحضر على امتداد العرض الميكروفون وتتعدد الكراسي وتتغير أمكنتها في رمزية للصراع على السلطة والتكالب على الكراسي والرغبة في امتلاك الخطاب فــ"من يمتلك الخطاب يمتلك السلطة" على حد قول "ميشال فوكو".
ولعلّ حضور صورة الرئيس الأسبق بن علي في مكتب رئيس التحرير الذي كان يلبس ربطة عنق بنفسجية اللون (وهو اللون المميز الذي كان مرتبطا بالحزب الحاكم آنذاك) يحمل أكثر من دلالة، كما أنّ رفض الصحفي تلميع صورة النظام ورغبته في التعبير عن موقفه الخاص من حرب العراق، كلفه الطرد والتشرد فلم يجد ملاذا سوى الهروب إلى شرب الخمر يوميا في محاولة لنسيان الواقع المرير والهروب من حقائقه المفزعة. هروب كلفه خسران زوجته التي انتهت إلى خيانته مع نادل الحانة الذي كان يساعده يوميا في العودة مثمولا إلى بيته.
غازي الزغباني اختار أن يحفر أكثر ويعمّق الجراح، فيلفت الأنظار إلى ما عاشه التونسيون زمن الديكتاتورية من انحدار للقيم وتفشٍّ للمحسوبية والانتهازية، فيتحول رئيس قسم الأحداث السياسية إلى محرر في صفحة الحوادث وحظك اليوم ويتزوج نادل المقهى "التوهامي" شهر العنكبوت" الذي يتاجر في كل شيء من ابنة صاحب الجريدة ويصبح ثريا، ويجبر زوجة الصحفي على بيع بيتها له بل يفتكّه منها بأساليب غير قانونية.
وتتعدد الأحداث والأزمات التي يعيشها الأبطال ويكتشفها المتفرج عن طريق الراوي والراوية اللذين كانا على امتداد العرض يقصان بعض الأحداث ويعودان بالجمهور إلى ماضي الأبطال في شكل "فلاش باك" على طريقة الأعمال السينمائية.
يكتشف المتفرج أسماء كل أبطال العمل من الباش حسين صاحب الجريدة الى التوهامي نادل الحانة إلى عم الطاهر حارس مقر الجريدة الى ممول الجريدة "سي التابعي"...إلا الصحفي وزوجته، لم يمنحهما الزغباني اسما وذلك في إشارة مقصودة منه إلى أنه قد يكون "الأنا" أو "الآخر" بلغة الفيلسوف ميرلوبونتي الذي تفترض أطروحته أن "زمن الأنا ليس معزولا عن زمن الآخر". 
وانتقد الزغباني على لسان أبطال هذا العمل "النبارة والسمسارة والناس الغدارة"، ولفت أحدهم إلى أن "الطايح صبح واقف" وهو ما جعل "العقل يتعب" فيصبح "الهبال خير" (الجنون هو أفضل ملجأ ) كما يقول الصحفي الذي اتهموه بالجنون.
ولكن في الوقت الذي يظن فيه متابعو هذا العمل أن المسرحية انتهت وزمن الديكتاتورية ولى وانتهى، يفاجئهم صوت غازي الزغباني نفسه الذي كان جالسا بكل هدوء بين الجمهور ليزعزع كل ثقة محتملة لديهم بأننا اليوم أحرار وبأننا تجاوزنا تلك المرحلة، مطلقا بذلك جرس الإنذار للانتباه من مغبة العودة إلى المربع الأول فلا تكون الحرية اليوم سوى وهم قد نفيق منه غدا.

وات
Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg