فتنة الأقاصي

 سعد برغل

إلى الصّغير أولاد أحمد في ملكوته: عذرا فما قدرت إلا على كتابة التْالي: 

1-    ستستيقظين صباحا، تتثاءبين وتفركين العينين، وتسرحين بعيدا، ستهوّمين حيث لا زمن ولا مكان، ستسترجعين بسرعة آخر قبلاتنا وستبتسمين فالصباح يمنّي بعذب الأماني.

 على عجل تفتحين بريدك الالكتروني علّك تعثرين على إرسالية تزوّدك كلماتها بدفء ينساب من حروف كلّما كثرت أبانت عشقا حدّ التصوّف.

ستهرعين صباحا لفتح حساباتك على المواقع الاجتماعية، تتنسّمين آثاري وتتعقّبين نسوتي ممّن قرأن ما كتبت أو علّقن على تدوينة، ستنتبهين بإحساس الأنثى أنّ استرالية أعجبتها أغنية ديميس روسوس المنشورة على جداري، وسترهقين العقل وأنت تبحثين عن الفارق في الساعات بين بلدينا، سترتاحين قليلا وتواصلين النبش في منشورات الجدار. ستنتبهين أنّي لم أهمس لك تلميحا على جداري أنّك أنثاي وأنك الاستثناء وأنّك الهواء والماء والتراب، حتما ستنتبحين أثناء التنقيب والحفر أني استرجعت عقلانيتي وأنّ مجنونك بدأ يدرك حجم الفرق بين ترصيف الكلمات حوشيها وغريبها ومقتضيات العولمة.
عندما تتثاءبين صباحا تكون ساعات قد مرّت على اشتياقي اللحظةَ إلى أن أسمع صوتك وأن أستبطن ضحكتك وأن أمرّر كفّي على وجهك، ساعات تكون قد مرّت على لحظتي التي تراك أبهى النساء، تراك حكمة الخالق إذ خلق.

سيأتي على الذرّية خريف لا تتساقط فيه أوراق شجرة التين العتيقة ولا تصفّر فيه الرياح، لن تملأ ذرّات الرّمل أحداق الأطفال المشردين، خريف تذهل فيه الأم عن رضيعها ويعوي ذئب بأقاصي مدن الملح، خريف لا يذر من الأحلام الوردية ما به أواجه عصف زوبعة.

خريف سيحلّ و تزدهر طوابير الراغبين في خمرة بخسة الثمن فهذا الزمن السريالي لا تنفع معه مسكرات بورجوازية،  قد تكفيك خمرتك المحلية العفنة وتكتفي ببعض القمّل لتُغيّر طعم مرارتك.

1-    أخاف أقولني في عشقك فتخونني همزتي

وتغتصب مني الروح ألفي

وتهزّني إليك خفيفا واواتي وتجمعني ثم تفرقني لتبعثرني ثم تذروني على شفتيك كلُّ حروف اللغات.

إليك هناك لو تدركين:

كلما ولجت غابة أحزاني تراءى طيفك باسما عطرا عبقا، إليك يمّمت الوجه بسمتك دليلي وبوصلتي/إليها هناك علّها يوما تقرأ المعنى.

سيقول تاريخ العشق السري:

 صعلوك في براري العرب ذات عمر، هام بذات دلّ و اختصر فيها المسافات عشقا و أحلاما وردية، كان يهذي باسمها آناء الليل وأطراف النهار وكانت صحراء نجد تسمع شكواه ويردّد البحر الأحمر أنّاته.

كان آخر العشاق الرُّحَّل..

امرأة يغسل عند قدميها ذنوب البشرية قاطبة

وتتفايض كأس شرابه فتأخذه النشوة سِنة من النوم

ينتفض مجنون قرطبة بربض الحواريين

ويصرخ نخاس بالبصرة زمن القرامطة

أهلك هذا الفتى نساءنا، تغزّل بالحرائر، سيأتي على البكر والثّيب

يقول من خبر فلتات الفتاوى من مريدي الغلمة وزواج القاصر وإرضاع الكبير:

هذا الفتى فتنة بالمدينة، أقيموا عليه الحدّ قبل أن يزنى بنا.

تنتشي صاحبتي وتستلذ هدر دمي فدماء العشاق دوما مباحة.

ستقول بعد قليل: أعشق فيك سمرتك البدوية وبداوتك المتوحّشة

اِعشق أنّى شئت فإنّ دفئك يأتيني.

عندها سألتني عجوز بأقصى المدينة: ألم ترهقك الأيام تحملها أنّى ذهبت؟

باسما أجبتها : وهل يتعب الكرم من العنب؟

عودي إلى فراشك، تثاؤبك، نبشك بجداري فقد تعثرين على بعضي يلملم أطرافه بحثا عن بعضه.

رحم الله الصّغير أولاد أحمد، فقد كان أعظم من الحياة.