فرحات حشّاد.. الرّجل الذي أقلق المحتلّ فاغتاله وهو في أوج شبابه


يحيي التّونسيون اليوم الأربعاء 5 ديسمبر الذكرى 66 لاغتيال الزعيم الوطني الشهيد فرحات حشّاد، الذي يعتبر أحد أهم رجالات حركة الاستقلال في تونس مع كل من الزّعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف.
فرحات حشاد هو أول أمين عام للاتحاد العام التونسي للشّغل الذي أسّسه في 20 جانفي 1946 ليكون أول منظمة نقابية عربيا وأفريقيا.
كما تزعم الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي ودافع عن حقوق العمال وساهم في حصول تونس على الاستقلال.
حياة قصيرة
كانت حياة الزعيم النقابي قصيرة حيث ارتقى شهيدا وعمره لم يتجاوز 38 عاما لكنها كانت ثرية بالمقاومة والنضال دفاعا عن حقوق العمال ومقاومة للاستعمار الفرنسي.
وتزامن اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد وقتها مع نقاش اللجنة السياسية للأمم المتحدة القضية التونسية ومع انفجار حركة المقاومة في تونس ضد الاحتلال الفرنسي حيث بعد فشل محادثات الاستقلال بين تونس وفرنسا بداية سنة 1952 اعتقلت السلطات الفرنسية جميع الزعماء الوطنيين فوجد حشاد نفسه أمام مسؤولية قيادة المقاومة التونسية.
وتبنّى الزعيم التونسي نظرية الكفاح المسلح لتحرير تونس بعد اعتقال الاستعمار الفرنسي أغلب الزعماء السياسيين التونسيين عام 1952، بحسب تقارير تاريخية.
الانتقال إلى العالمية وتدويل القضية
بفضل نضاله السياسي ونشاطه النقابي، تمكّن فرحات حشّاد من ضم "الاتحاد" إلى الاتحاد الدولي للنقابات الحرة (السيزل) وانتخب عضوا منتدبا لدى الأمين العام للمنظمة العالمية مكلّفا بالشؤون الأفريقية لينتقل للعالمية.
وعمل من خلال العمل النقابي على تدويل القضية التونسية في نضاله لتحرير تونس حيث سافر إلى عدة دول لهذا الغرض بينها الولايات المتّحدة وبروكسل وفرنسا وغيرها من الدول، وكانت رحلاته مكسبا حقيقيا لتدويل القضية التونسية.
وتؤكد وثائق تاريخية، فتح فرحات حشاد باب الكفاح المسلح السري ضد الاستعمار الفرنسي كما شرع في تنظيم إضرابات وتحركات شعبية كان لها تأثير كبير على المستعمر الذي تأكد أنه هو (فرحات حشّاد) من يدير المقاومة، فأصبح مطلوبا لدى أجهزة المحتل الفرنسي فاغتاله في 5 ديسمبر 1952 . وعثر على جثمانه برادس بالضاحية الجنوبية للعاصمة، وعليه آثار طلقة نارية في الرأس ووابل من الرصاص في أماكن متفرّقة من جسمه.
حقيقة غير مكتملة
ووفق تقارير اخبارية اعترف أنطوان ميلير عضو المنظمة الفرنسية السرية "اليد الحمراء" في كتاب أصدره عام 1997 بعنوان "اليد الحمراء: الجيش السري للجمهورية" بوقوف فرنسا وراء اغتيال حشاد.
وفي عام 2003 قدّم الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، وثائق سرية إلى زوجة وابن فرحات حشاد تدعي أن الجهة التي قتلت حشاد ليست "اليد الحمراء" وإنما مخابرات سرية تابعة للحكومة الفرنسية لتبقى محاولات الكشف عن حقيقة اغتيال الزعيم التونسي متواصلة.
نضال منذ الطفولة
ولد فرحات حشاد يوم 2 فيفري 1914 في بلدة العباسية في جزيرة قرقنة. تحصل على الشهادة الابتدائية عام 1929 إلا أن بعد وفاة والده لم يتمكن من مواصلة تعليمه فالتحق بسوق الشغل وأصبح يعمل ناقل بضائع في إحدى شركات النقل البحري.
وبفضل هذه التجربة التي بدأها صغيرا، تمكّن فرحات حشاد من صقل شخصيته وتنمية معارفه النقابية والثقافية والسياسية عن طريق المطالعة والمتابعة والنشاط المدني كما تطوع خلال الحرب العالمية الثانية للعمل مع منظمة الهلال الأحمر .
ووفق تقارير متخصّصة، تأثر الزعيم فرحات حشاد بالفكر النقابي الاشتراكي الذي دافع عن حقوق الطبقة العاملة الكادحة ضد نفوذ الطبقة الرأسمالية المتوحشة حتى أصبح أحد الزعماء النقابيين في العالم.
لمع اسم فرحات حشاد بعد تأسيسه للإتحاد العام التونسي للشغل واكتسب شعبية واسعة في صفوف الطبقة العاملة وكل مكوّنات الشعب التونسي، قبل اغتياله في أوج شبابه وعطائه للوطن والعمال، لتبقى ذاكرته خالدة واسمه محفوراً في ذاكرة الأجيال التي تنعم اليوم بحقوق أسّس لها الزعيم فرحات حشاد.
ع ب م - وكالات




مقالات أخرى






