الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2016/02/15 15:10

كافون وفي أدبيات وزارة التربية" نوفكا"

كافون وفي أدبيات وزارة التربية

بقلم سعد برغل

عالم المواقع الاجتماعيّة عالم فريد مدهش، له قدرة خياليّة على صناعة النجوم وعلى توجيه الرأي العام، صناعة الرأي العام هذه وراءها ماكينة من مال ورجال وتقنية وتصوّرات، ماكينة يستطيع أن تجعل من حدث يومي بسيط، قد لا نجانب الصّواب إن قلنا أنّ أعنى القنوات الإذاعيّة والتفزيّة والورقيّة لا يمكنها أن تقف أمام شائعة أطلقها أحدهم في هذه المواقع، ولا يمكن لأيّة قوّة مهما كان حجمها أن تقف أمام تأثير صورة مفبركة نشرها موقع مأجور على النات، و لا يمكن لأعتى الجامعات أن تجعل من بروفيسورها مشهورا مقارنة بما يمكن أن تهديه صفحة فايس بوك يديرها محترف اتّصال وصناعة خطاب الوهم.

ما تناقلته حسابات المبحرين بالفايس بوك من صور كافون بالمدرسة الابتدائيّة وانتصابه ناصحا الصّغار بضرورة الحصول على السيزيام قد يمرّ مرور الكرام لو لم يتكلّف الموقع بنشر الصّور، وهو ما استتبع ردود فعل كثيرة متباينة؛ ردود هدفت إلى نقد  وزير التربيّة باعتباره المسؤول الأوّل على الحياة المدرسيّة، صيغ تهكّم وسخريّة منه ومن "ادّعائه" السعي إلى تعزيز الثقافة بالوسط المدرسيّ، متناسين ها هنا مدى استفادة التلاميذ من زيارات ثقافيّة أخرى مميّزة مثل أيام قرطاج السينمائيّة والعروض المسرحيّة وزيارات الأدباء والمثقّفين، فانهالت تعليقات ساخرة من الوزير وحمّلته المسؤوليّة.

مواقع أخرى، كانت بالأمس تتضاحك على صور السيد الباجي قائد السبسي جمعته مع كافون، وانطلقت يومها تغريدات المبحرين الهازئين من هذه الصّور متندّرين من الثقافة القادمة مع المترشّح للرّئاسة، ورآى البعض في زيارة كافون تجسيدا لتلك البدائل الفنيّة تنخرط في نظام قيمي كامل من مطالبة بالسماح بالمخدرّات وتقديم بديل فنّي مهترئ، تبقى هذه الحسابات الفايسبوكية كسابقتها حسابات تُخفي موقفا سياسيا لا من كافون في حدّ ذاته فهو لا يرقى إلى مستوى الظاهرة لا الفنيّة ولا الاجتماعيّة، بل كان المستهدف هو وزير التربيّة السيّد ناجي جلول، وهي  ردود افتراضيّة على حملة يتّهم الأطراف السيد الوزير بأنه وراءها وهي الإشهار لشخصه من خلال نشر فيديوهات زياراته و تدخّلاته الميدانيّة الشخصيّة.

رأت حسابات فايسبوكيّة أخرى أنّ المواطن التونسيّ  إمّا أنّه "فاضي شغل"، أو أنّه محبط إلى درجة أنّه يولي اهتماما لحوادث بسيطة عاديّة و ينصرف ع المشاكل الحياتيّة مثل البطالة والحاجة والدراسة، ولكنّ المواطن لفرط إحباطه بدأ يتلهّى بأمور تافهة ويضيع وقته في كتابعة أمور لا تغني ولا تسمن من جوع، ولكنّ الإحباط يدفع الناس إلى الاهتمام بصِغار الأمور ويجد فيها ملهاة قد  تخفّف من توتّره الاجتماعيّ وإحساسه بأنّ المجتمع بعد الثورة لم يحقق الأهداف لذلك يبحث في هذه الظواهر ملاذا يفرّغ فيه احساسه بالإحباط.

كيف يمكننا اليوم بعد سنوات من ثورة الشعب أن نقرأ  التغييرات الحاصلة في المخيال الجماعيّ للمراهقين وللصّغار؟ هل علينا نحن الكهول أن نغيّر ما بمخيّلتنا حتى نقبل أن يكون للتلميذ مثَلٌ قد نختلف معه، مَثَلٌ- رمز كان قديما نعيش على صورة طه حسين في خيالنا، على صورة نوال السعداوي، على كاتب مثل محمود المسعدي على شاعر مثل أبي الطيب المتنبي، واليوم تغيّر العالم  وتغيّرت قيم العالم، وواكبها صغارنا، يعيشون عصرهم، ماذا سنفعل؟ هل نرفض أن يزور كافون مارسنا؟ وسأفترض أنّ المانع توفّر؛ هل بإمكاننا أن نمنع الصغار من حفظ " قبي.. قبي" وهل سنمنع القنوات من استضافته؟ وهل سنطلب من إدارة  اليوتوب حذف فيديوهات المجموعات الشبابيّة؟ هل الحلّ اليوم هو المنع لمجرّد التظاهر أنّنا قد تحرّكنا، وبالتالي حمينا الصّغار؟.

لفت انتباهي وأنا أتابع ردود الفعل على زيارة كافون لمدرسته على المواقع التواصل ما دوّنه أحدهم موجّها الكلام إلى السيد وزير التربيّة، يتساءل ما هو موقف السيد الوزير لو كان الزّائر داعيّة أو من جماعة الإسلام السياسي وحدّث الصّغار عن الإسلام والصلاة والجهاد وما يرتبط بهذه المنظومة من خطر التجنيد والتعبئة الدينيّة، هل كان سيصمت السيد الوزير؟ هل سيتصرّف؟ ماذا سيفعل ؟.

من باب التساؤل أطرح على السيّد الوزير؛ هل هناك قانون واضح يحمي الصّغار من مثل هذه الزيارات التي قد تنسف الكثير ممّا تصرف المجموعة الوطنيّة لتحقيقه؟ ألم يحن الوقت لنفكّر في صناعة رموز جديدة لأبنائنا، بالإنتاج السمعي البصري وبالمواقع الاجتماعيّة وبالمطويات والمسرح والغناء، هل حان الوقت  للاقتناع أن فضاء التمدرس هو أفضل فضاء لتربية الصّغار تربية فنيّة راقيّة؟.

إن كان الأمر كذلك، فتيقّن، سيدي الوزير، أنّ تلاميذنا لن يروا في "كافون" سوى كافور الاخشيدي إذا ما قرأوا حكاية كافور هذا مع المتنبي.



هذا مقال رأي و لا يلزم إلا كاتبه. 

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg