هل نجحت تونس في إدارة أزمة الانتخابات الرئاسية ؟

أيام قليلة تفصلنا عن إجراء الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية و لا يزال الغموض قائما حول مصير أحد المترشحيْن الذي يقبع في السجن، الأمر الذي يطرح عديد الأسئلة حول مدى نزاهة هذه الانتخابات ومدى توفر تكافؤ الفرص والمساواة بين المترشحين.

وقد أقر عدد من أساتذة القانون الدستوري في تصريحات سابقة لـ"الجوهرة أف أم" أننا نعيش أزمة قانونية ودستورية غير "مسبوقة" نظرا لتواجد أحد المترشحين في السجن واستحالة قيامه بحملته الانتخابية.
ومن جهته، اعتبر أستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ أن هذه الانتخابات لن تكون حرّة و نزيهة، مشيرا إلى أن الدستور والقانون الانتخابي و قانون هيئة الانتخابات وخاصة الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس تنص صراحة على توفر شروط المنافسة الحرة والنزيهة والمساواة بين المترشحين وعلى أن يكون المترشح حرّا حتى يتمكّن من تقديم برنامجه والاتصال بوسائل الإعلام في الداخل والخارج والقيام بحملته الانتخابية.
وحمّل محفوظ هيئة الانتخابات المسؤولية، قائلا إن الدستور والقانون الانتخابي أعطاها الآليات للتدخل لكنها لم تقم باستعمالها، وفق تعبيره.
وأوضح أن قانون هيئة الانتخابات ينص على أن الهيئة تسهر على ضمان انتخابات واستفتاءات ديمقراطية حرة وتعددية ونزيهة وشفافة.. وهي التي تضع آليات التنظيم والإدارة و الرقابة الضامنة لنزاهة الانتخابات وشفافيتها، مبيّنا أن الفصل 4 من قانونها يعطيها سلطة تقريرية، حسب قوله.
وواصل محفوظ أنه كان على الهيئة أن تتفطن منذ البداية إلى غياب عنصر المساواة بين المترشحين والمنافسة وإعادة فتح باب الترشح من جديد، مبينا أنه في صورة فوز نبيل القروي الذي يقبع في السجن فإنه لن يتمكن من آداء اليمين الدستورية أمام البرلمان والمباشرة وهو ما يحيلنا إلى حالة الشغور وهنا سنجد أنفسنا أمام مشكل قانوني ودستوري آخر وهو أن الجانب المخوّل لمعاينة إقرار ومعاينة حالة الشغور هو المحكمة الدستورية والتي لم يتم تركيزها إلى حدّ الآن.
وتابع أمين محفوظ : "حتى وإن تم اللجوء إلى فرضية العزل فإن ذلك أيضا من مهام المحكمة الدستورية، وهو ما سيجعلنا في حلقة مفرغة"، وفق تعبيره.
وأكد محفوظ أن هناك إمكانية للتدارك والقيام بمشاورات مع المنظمات الوطنية من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
تجارب مقارنة
و قال أمين محفوظ إن هناك تجارب مقارنة لهذا الوضع "الغريب"من ذلك فرنسا، ذلك أنه في صورة وفاة أو تعذّر أحد المترشحين للرئاسة في الدورة الأولى او الثانية فإن الانتخابات تعاد ويفتح باب الترشح من جديد والمسؤول عن هذا هو المجلس الدستوري لأن الوفاة والتعذر تعني عدم وجود مبدأ المنافسة.
وختم محفوظ بالقول إن "هذه الانتخابات لم ولن تكون نزيهة وحرّة في ظل وجود هذه الإخلالات وإن تونس لم تنجح في إدارة هذه الأزمة".