وزير التربية: 2026 سنة المطالعة

أعلن وزير التربية، نور الدين النوري، أن سنة 2026 ستكون سنة المطالعة، وذلك في إطار رؤية شاملة تهدف إلى إعادة الاعتبار للكتاب داخل المؤسسات التربوية.
و شدّد على أن المطالعة لم تكن يومًا غائبة عن المدرسة التونسية، غير أن المرحلة الحالية تقتضي إعادة النظر إليها من زاوية جديدة تضع الكتاب في قلب المؤسسة التربوية.
وأوضح الوزير أن المطالعة لا يمكن التعامل معها كمادة دراسية تُدرّس وتُقيَّم، بل هي حاجة وجودية للتلميذ، تماثل في أهميتها الحاجات البيولوجية الأساسية كالأكل والشرب والهواء، فالكتاب، حسب تعبيره، هو الأداة التي تنقل التلميذ والإنسان عمومًا من منطق ردود الفعل الغريزية إلى مرحلة التفكير النقدي، وتسهم في بناء الشخصية، وتوسيع دائرة الخيال، ورسم الأهداف المستقبلية.
إحداث أكثر من 4 آلاف مكتبة مدرسية
وفي هذا السياق، أعلن نور الدين النوري عن برنامج وطني واسع يتمثل في إحداث أكثر من 4 آلاف مكتبة مدرسية داخل جميع المدارس الابتدائية، أي بمعدل مكتبة في كل مدرسة، على أن تكون هذه المكتبات مجهزة بكتب تتناسب مع مختلف الأعمار والاحتياجات، وينطلق تنفيذ هذا المشروع فعليًا مع بداية سنة 2026.
وأضاف الوزير أن وزارة التربية لم تتوقف يومًا عن دعم المكتبات المدرسية، حيث واصلت، بالتعاون مع المجتمع المدني، تزويد مكتبات المعاهد والإعداديات بعناوين جديدة تراعي اهتمامات التلاميذ وتطلعاتهم، معتبرًا أن هذا العمل يمثل جزءًا من رؤية متكاملة لا ترتبط بمرحلة إصلاح ظرفية، بل بخيار استراتيجي تأخر كثيرًا في استعادة مكانته الطبيعية.
كما كشف النوري عن مراجعة شاملة للتصورات المعمارية للمؤسسات التربوية، تقوم على هندسة عصرية حديثة تحتضن مركبات رياضية متكاملة داخل كل مؤسسة تربوية، إلى جانب فضاءات تنشيطية تضم فضاءات رقمية، ومكتبات عصرية، وقاعات أكل تستجيب للوضع الجديد الذي يعيشه التلميذ.
وتهدف هذه المقاربة إلى إرساء مفهوم “المدرسة الجاذبة”، ليس من الخارج، بل من داخلها، مدرسة تحتوي كل عناصر الحياة التي تشجع التلميذ على البقاء داخلها، وتؤمّنه، وتوفر له كل ما ينتظره.
وأشار الوزير إلى أن الرحلات المدرسية انطلقت فعليًا، وأن “حقيبة المطالعة” تم إدراجها ضمن برامج الرحلات المدرسية خلال العطلة، مؤكدًا أن وزارة التربية لا تعلن عن المشاريع قبل انطلاقها، بل تبدأ في تنفيذها أولًا ثم تعلن عنها للرأي العام.
وفي ما يخص إدراج المطالعة ضمن البرنامج المدرسي، شدد النوري على أن ذلك سيتم وفق مقاربة بيداغوجية عصرية تستجيب لخصائص تلميذ سنة 2026، بعيدًا عن الطرق التقليدية التي قد تنفّر التلميذ من الكتاب بدل أن تقربه منه.
كما أكد أنه لا وجود لفواصل أو حدود بين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي، داعيًا إلى استثمار كل الوسائط المتاحة.
وأوضح في هذا الإطار أن التلميذ مدعو إلى قراءة الكتاب من زوايا متعددة، من خلال الفن التشكيلي، والموسيقى، واللغة، ومن مختلف الأبعاد الجمالية والفكرية، بما يسمح له بالانفتاح على الحياة في كل تجلياتها، بين الإفادة والمتعة وبناء الفكر النقدي، بهدف تأسيس شخصية مستقبلية متوازنة وواعية.
وأكد النوري على أن إنجاح هذا المشروع الوطني يتطلب كثيرًا من الصبر والمثابرة، ويستوجب إشراك الأسرة، والمربين، والإعلام، والمجتمع المدني، حتى تتكاتف الجهود وتُفتح كل آفاق النجاح أمام برنامج إعادة الكتاب إلى الواجهة، باعتباره حاجة أساسية في كل مراحل حياة الطفل، وأحد أعمدة التوجهات الكبرى للدولة التونسية.
عزوف عن القراءة داخل الأوساط التلمذية
من جهتها، أكدت ريم المعروفي، المديرة العامة للتعليم الإعدادي والتعليم الثانوي، أن هذه المبادرة تأتي استجابة لما لوحظ من نسبة عزوف عن القراءة داخل الأوساط التلمذية، وهو ما دفع الوزارة إلى العمل على إعادة “مكينة الكتاب” إلى قلب الحياة المدرسية.
وأوضحت المعروفي أن وزارة التربية تراهن على إشراك التلاميذ أنفسهم في بلورة أفكار ومقترحات عملية يمكن تطبيقها في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، مشددة على أن أبناءنا “قادرون على الإبداع”، وهو ما تجسد من خلال النماذج المقدّمة من تلاميذ يمثلون 26 مندوبية جهوية، بمعدل تلميذ عن كل مرحلة تعليمية.
وأضافت أن هؤلاء التلاميذ قدموا مداخلات من شأنها إعطاء دفع جديد لتعزيز ثقافة المطالعة والكتاب، على أن يتم لاحقًا تنظيم ورشات عمل تُعنى بدراسة أهم الآليات والطرائق التي يمكن لوزارة التربية، بمختلف مكوّناتها، اعتمادها لنشر ثقافة القراءة داخل المؤسسات التربوية.
برنامج متكامل لدعم المكتبات المدرسية
وفي سياق متصل، كشفت المعروفي عن برنامج متكامل لدعم المكتبات المدرسية، يتضمن افتتاح عدد من المكتبات خلال السنة الدراسية الحالية، إلى جانب ضخ عناوين جديدة ومتنوعة، فضلاً عن دعم المكتبات بوسائل مبتكرة، من بينها توفير محافظ كتب داخل حافلات الرحلات المدرسية، بما يضمن حضور الكتاب حتى أثناء التنقل والأنشطة الترفيهية.
وأكدت المديرة العامة أن وزارة التربية ستعمل على إحداث مكتبات مدرسية في ظرف لا يتجاوز أسبوعين متى توفرت الشروط اللازمة، والمتمثلة أساسًا في وجود فضاء ملائم وإطار يشرف على تسيير المكتبة، مشيرة إلى أن مصالح الوزارة ستكون حاضرة ميدانيًا لمتابعة انطلاق هذه المشاريع.
نسرين علوش






















