الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2016/07/12 23:04

أغبياء، لماذا يستفتون شعوبهم؟

أغبياء، لماذا يستفتون شعوبهم؟

بقلم سعد برغل
اندهشت، كما اندهش الكثير من العرب، مثقفين ومواطنين عاديين، ممّا آل إليه استفتاء الانجليز حول البقاء بالاتحاد الأوروبيّ من الخروج عنه، وهي دهشة بسبب عدّة عوامل، و لا يعنيني هنا القطاع الاقتصاديّ أساسا أو المسألة الأمنيّة وحلف الناتو والعلاقات البينية الانجليزية الأمريكية التي كثيرا ما تسببت للخارجية البريطانية في كوارث لعلّ آخرها ما انتهى إليه تقرير الحرب العراقية من اتهام طوني بلير يجرّ انجلترا إلى حرب اعتمادا على معلومات استخباراتية مغلوطة، ولم يكن دافع لجنة التحقيق تحميل مسؤولية 250 ألف عراقي ماتوا بل كان التحقيق بسبب تسعة جنود انجليز ماتوا بالعراق، فالواحد منهم يزن مثقال أربعين ألف عراقيّ.

سعيد يقطين الباحث المغربي كتب في جريدة القدس ما يلي" كان استفتاء الشعب البريطاني حول مصير علاقته بالاتحاد الأوربي تعبيرا واضحا عن العلاقة التي تسم الدولة بالشعب، وتبرهن بالملموس على أن القضايا المصيرية لا يمكن أن يقررها رئيس الحكومة، أو البرلمان، ولكن الشعب عن طريق استفتاء عام لا تتدخل فيه الدولة بتوجيه الرأي العام.
ومعنى ذلك، بتعبير آخر، أن ما يهم الشعب بصورة أساسية لا يمكن أن تنفرد به جهة معينة مهما كانت مصداقيتها، أو مؤسسة ما وإن كانت تستمد شرعيتها من صناديق الاقتراع. ولعل لهذا النوع من الاستفتاءات التي تعرفها المجتمعات الغربية أثره الكبير في إعطاء الديمقراطية الغربية كامل أبعادها الاجتماعية، مهما كانت وجهات نظرنا في الطرق التي تمارس بها هذه الديمقراطية." لأنّ الحكومات التي تعمد إلى الاستفتاء حكومات تحترم عقل شعوبها والرأي العام الوطني ولا تعيش على ايقاع عقلية الزعيم الواحد الذي يعرف مصلحة الأمة في كل تفاصيلها، مجتمعات عربية يديرها أهل السياسة بعقلية إمام القرية؛ يكتب الوصايا والرسائل ويكتب عقود البيع والشراء وعقود الزواج وخطبة الجمعة وصلاة العيد والتراويح و التوسّط بين المتخاصمين، حاكم بأمره لا يأتيه الخطأ من خلف ولا من أمام، شعب سلّم أمره منذ أربعة عشر قرنا إلى "أولي الأمر" وأهل الحلّ والعقد" الذين لم تكن لهم وظيفة في التاريخ سوى السير في صالح الحاكم و تخويف كلّ من تسوّل له نفسه الخروج عن السلطان، فسلطان غاشم خير من فتنة تدوم، عقل تعجز الانتلجينسيا فيه عن الصراخ في وجه الحكام المستبدين يوما بحدّ السيف والسجن وأياما بسلطة الدين والفقه، لذلك نتساءل اليوم في بلاهة، لماذا لا يستفتي الحكام الغرب شعوبهم؟
لم يستفتِ الحكّام العرب شعوبهم ولم يستفيدوا من استفتاءات ديغول ومن المدرسة الديغوليّة، دخلوا في حروب ضدّ بعضهم ولم يستفتوا شعوبهم، شنّوا حرب اليمن مع عبد الناصر وحرب السودان، ودخل صدام الكويت، وتقاتل المغاربة مع أهل البوليزاريو، وغزا القذافي التشاد، وشارك الحكام العرب الأمريكيين في غزو العراق ولم يستفتوا شعوبهم، دخل العرب مؤخرا حربا ضدّ سوريا وضدّ الحوثيين ولم يستفتوا شعوبهم، ما الذي يحدث بهذه التربة التي أرهقنا معمّموها من تكرار أنّها " أحسن أمّة أخرجت للنّاس"؟، حكّام لهم مطلق القرار ، يشنون حروبا، يقسّمون الأوطان، يهدون الأراضي، يبرمون الصفقات، ويبقون بالعروش عشرات السنين .،عشرين سنة، ثلاثين سنة، أربعين سنة، لا تضحك، فبعضهم اعتلى العرش يوم ولادة رئيس وزراء بريطانيا السابق، وانتظروه حتى أصبح شابا فكهلا ليستجدوه دعما عسكريا ضدّ بلد عربيّ.
لماذا استفتى الحاكم الانجليزي المنتَخَب شعبه؟ كيف يجازف هذا الأحمق بإمكانيّة إخراج انكلترا من الاتحاد الأوروبيّ في حين تلهث بلدان كثيرة للحصول على صفة "الشريك المميّز" وفي الوقت الذي يكاد أردوغان يقتل نفسه من أجل حيازة رضى المجموعة والدخول في الاتحاد؟ أي حاكم غبيّ هذا الذي انتخبه شعبه ليحكم فإذا به يتخلى عن سلطته ويجازف ويحكّم السائق والجزار والكهربائي والزبّال في موقف بهذه الخطورة، صحيح أن الديمقراطية تجبرك على الاستماع إلى الحمقى، لكن ليس إلى هذه الدرجة من التخلف السياسيّ البريطانيّ، طبعا هذا كان الحكام العرب يردّدون قي سرّهم وعلنهم موقفهم من الاستفتاء الانجليزيّ، حكّام ينسون مصطلح الديمقراطية لحظة الإعلان عن نتائج صندوق الانتخابات، هذا إن يسّر الربّ لبعض الشعوب هذا الصندوق أصلا.
هؤلاء حكّام غربيّون أغبياء، وضعونا في حرج سياسيّ مع شعوبنا، كيف لهم أن يُشركوا شعوبهم في قرارات مصيريّة؟ أليست ديمقراطيتهم ديمقراطيّة عرجاء؟ كيف ينظّمون استفتاء تكون نتيجته الحتميّة خروجهم من السّلطة،؟ نحن حكّام عرب لا نستفتي شعبنا إلاّ إذا ضمنّا نتيجة 99% من المطالبين ببقائنا بالسلطة، ديمقراطية غربيّة تحتاج تعديلا بما أنتجته التجربة العربيّة: لك أن تختار، ولكنّك لن تختار إلاّ ما اختاره الحاكم لك.
 لا يلزم المقال إلاّ صاحبه 

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg