Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/10/06 15:43

اجماع الألمان وجماع العرب

اجماع الألمان وجماع العرب

بقلم  سعد برغل



في مفتتح كلّ سنة دراسية أو جامعيّة كنت أنتظر من قنواتنا الإذاعيّة أو من مؤسسّاتنا الصحفيّة أن تفتح بعض الملفات المتعلقّة بالشخصيّة التونسيّة، ما هي ملامح هذه الشخصيّة؟ كيف تتشكّل؟ من يُشكّلها؟ ولصالح من تتشكلّ على هذا النّحو؟ فالشخصية الوطنيّة ببعض البلدان الأروبيّة لا تصنعها الأحداث العرضيّة ولا المحطّات غير المتفق عليها،

بل  يصنعها الإجماع، ومن أهمّ مظاهر الإجماع التي ميّزت شخصيّة كلّ من ألمانيا واليابان بعد الحرب العالميّة الثانية هي  ضرورة النهوض من رماد الحرب الكونيّة واسترجاع الهيبة الوطنية بواسطة بناء جديد للشخصية الوطنيّة، وها هي ألمانيا اليوم واليابان اليوم لاعبان أساسيّان على رقعة الشطرنج الدوليّة ؛ تحرّكان أفيالا وتتلاعبان بالرّخ والحصان وتُسقطان ملوكا وملكات.

هل تساءلت مؤسّسات صناعة الرّأي العام بتونس عن مساهماتها الممكنة في بناء هذه الشخصيّة التونسيّة التي بدأ التنازع الهَوَوِيّ عليها بعد 14 جانفي، فالبعض بدأ يعزف على ضرورة إعلاء العنصر  البربريّ في تكوين الشَّخصية التونسية وتهاطلت على مواقع التواصل صور للوشم البربري والأمازيغيّ، وقدّمت لنا صفحات كثيرة مفردات تسرّبت إلى العربيّة من هذا اللسان، وشدّد البعض الآخر على مكوّنات الشّخصية التونسيّة في بعدها القرطاجنّي وبحث في صلات العائلات التونسيّة بصور وصيدا اللبنانيتين، وذهب بعض آخر في بحثه عن هذه الشخصية التونسيّة إلى نفي كلّ صلة لها بالبربر والأمازيغ، ولعنَ القائلين بالتاريخ المسيحي لتونس و ندّد بكل من أشار إلى دور الديانة اليهوديّة في تشكيل هذه الَّشخصيّة.

لماذا ربطت البحث في خصوصيات الشخصية التونسيّة والعودة الجامعيّة؟ الأمر يبدو اضحا بالنسبة إلى علم الاجتماع، إذ تمثّل الشريحة العمريّة للتلاميذ والطلبة أفضل العيّنات لفهم هذه التوجّهات المستقبليّة لملامح هذه الشخصيّة، والكتاب هو المؤشّر على نوع هذه الشخصيّة، فمن تباهى اليوم بأنّ ابنه يبحر لساعات على النّات وأنّه لا يمسّ كتابا ورقيّا متوهّما أنّه يصنع شخصيّة مستقبليّة عالمة هو على خطأ بيّن،

لأنّ النات، على فوائدها،لا تبنى شخصية قويّة، فالشاب عرضة، كلّ ثانيّة، إلى تدفّق آلاف المعلومات، ومن اليسير أن تتسرب إلى لا وعيه معلومات خاطئة، ومن اليسيير أن تشدّه صفحات تضخّ المال من أجل تكوين الشخصيّة التونسيّة على هواها، فالمواقع الجهاديّة تتوسّل بكلّ اللآليات من أجل نشر ثقافة موت وليس من الغريب أن تجتهد في تسويق الموت بترسيخ الجنس والنكاح ومتعة حسيّة لاحقة، ولعلّ ما نرى ونقرأ من تشريع للسبي والرقيق بسوريا وعرض لليزيديّات من باب الترغيب في ثقافة السبي دليل على أنّنا  أمام  مشاريع هدفها تشكيل الشخصيّة الوطنيّة على مقاسات اديولوجيّة، ليبراليّة أو ماركسيّة أو دينيّة.

هل تعني هذه العودة إلى التساؤل عن هويّة الشخصيّة الوطنيّة إلى قناعات سياسيّة وطنيّة أم أنّ الأمر يعود إلى منظومة دولية تتشكّل تحت غطاء "حقّ الأقليّات"، ولكنها حقوق لأقلّيات ترفعها لوبيات حقوقية كأن تفتح حقّ جنوب السودان في الانفصال، وحقّ أكراد سوريا والعراق في الانفصال، لكنها تعتبر حزب العمّال الكردستاني حزبا إرهابيّا وتعتقل زعيمه عبدالله أوجلان، وتصنّف اسبانيا ثوريِّي الباسك ضمن الإرهاب، وكأن تدعو فرنسا إلى احترام أمازيغ المغرب والشّلح وتطالب الحكومة المغربيّة بالاعتراف الرسمي بلغتيهما وفتح قنوات تلفزية بلغتيهما، وتمنع عن البروطون  وأهل ليون غيرهما من المقاطعات الفرنسيّة إحداث قنوات لهجيّة بدعوى الحفاظ على الوحدة الوطنيّة والدفاع عن اللغة الوطنيّة، وأن تموّل، في نفس الفترة، حملة رئاسية جزائرية من أهم شعاراتها الاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة رسمية والمطالبة بجامعات تُدرّس الأمازيغيّة، وكأن تسارع الولايات المتحدة فتدافع عن الأقليات في أكرانيا وروسيا وتتغافل عن قرن من إبادة الهنود، وتدشّن رايس متحفا للقبائل الافريقيّة وتمحي  الولايات المتحدة كل بقايا الآثار بالتكساس.

ماهي ملامح هذه  الشخصيّة الوطنيّة غدا؟ سؤال على القنوات أن تبحث فيه، فلا يكفي أن يكتب الباحث منصف ونّاس عن هذه الشخصيّة، إذ يحتاج الأمر مخابر بحث واستبيانات وصنّاع رأي، كيف يمكننا أن نبني تونسيّا مؤمنا بالوطن؟ مؤمنا بأنّ الدين سلوك لغوي يوميّ؟ كيف نفهم تسرّب الكلام الفاحش إلى اللهجة وإلى التعامل اليومي بين التونسيين؟ كيف تسرّب سبّ الجلالة في ثنايا الاستعمال اللغوي حتى أصبح أمرا شبه عاديّ؟ كيف تحوّلت شخصيّة التونسيّ إلى السلب بالتدريج حتى أصبح من المؤمنين"خلّيها على الله"، كيف انتهينا قدريين، ولا شعار لنا سوى" لا حول ولا قوّة إلاّ بالله" وفي أحسن الحالات "وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله".

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg