Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/08/30 09:23

الانتخابات بين ثقافة العقل الفقهي وثقافة المرجع الدستوريّ

الانتخابات  بين ثقافة العقل الفقهي وثقافة المرجع الدستوريّ

بقلم سعد برغل


لو أراد أحد الكتّاب اليوم، بهذا الزمن التونسيّ المؤّقت، أن يكتب في الحبّ مثلا، هل سيأمن على نفسه وماله وأهله من الرّمي صباحًا مساءً بتهمة إفساد الشبيبة والاعتداء على شباب الصّحوة ؟ سيقول أحد القرّاء، هذا الكاتب يفترض افترضات ما أنزل الله بها من سلطان؛ هل تعرّض العقل الفقهي سابقا إلى من كتب في الحبّ من السلف المبدع الصّالح؟

طبعا سيتحدّاني من أدمن على قراءة  المودودي والسيد قطب وابن قيّم الجوزية: " يا أنت المتحامل على أصحاب العقول الفقهية النيّرة المجتهدة المثابرة المتهجّدة الحافظة  للمدوّنات إعطنا مثالا لو يتيما واحدا"، وسيرون في وقوف كهنة الدين وسدنة فتاوى القتل ضدّ الكتابة في الحبّ  دفاعا عن بيضة الإسلام، وسيرميني حافظ "تلبيس إبليس" بكلّ القاذورات وسيأمر رعيّته بالعودة إلى ما عرف أسلافهم من حرق لكتب الفلاسفة ولا عجب فداعشوهم اليوم ونصرتهم أمس وسلفيوهم بتونس وبلحاج ليبيا اليوم وبلحاج الجزائر بالأمس، كلّهم، بلا استثناء، اعتدوا على كلّ مبدع، وننتظر اليوم بتونس بماذا سيبشّرنا النهضاويّون بالحملة الانتخابيّة  في باب الفنون البديلة، فقد سمعنا صنوفا من التغنّي بالموت وعذاب القبر مع الفرق "الملتزمة"، وقرأنا قذفا شنيعا تحت مسمّى معارضة شعرية لليلى المكّي، وأدمت قنواتهم أعيننا بمسلسلات القرون الوسطى، وتفتّقت أذهانهم على برمجة تلفزية موغلة في البهتان الديني نحو " المطبخ الإسلامي".


أقول قولي هذا في الحبّ في الزمن الداعشي وقد أمطرتنا المواقع الاجتماعية بعدد مهول من الفيديوهات التي تدور في فلك الجسد المدنس، ومنها ما ارتبط بحور العين ونكاح الجهاد، وتفتّقت عبقرية اقتصاديّيهم فجدّدوا العهد مع السبايا وملك اليمين والعبيد، وتبارى علماؤهم في بيان مزايا المرابحة الناسفة لمبدأ الفائض البنكي، اقتصاد من عقول مغلّفة بالحقد الأعمى على الإبداع فهدموا قبور الشعراء ومزّقوا اللوحات وأحرقوا المقامات ونبشوا قبر "الزنديق" المعري ورموا أرضا تمثال أبي تمّام وأحرقوا أعرق مكتبة بالموصل، مغول هذا الزمن الداعشي ينكحون بنت العشر "أسوة بالرسول الكريم" ويبقون على وسخ لحاهم ويلعبون الكرة برؤوس مسلمين ويُدرّبون الصغار على الذبح بالتمرّن على ذبح الدّمى، مسلمون يكبّرون عند كلّ قتل، وقبلهم قتّل أعضاء الجبهة الإسلامية بالجزائر أكثر من مائتي ألف جزائريّ، وقبلهم قتّل أعضاء جبهة الميثاق الّإسلامية مع حسن الترابي زمن النميري، عندما توزّر للعدل، كلَّ مخالف، وشهدت السودان معه رقما قياسيا في عدد الأيدي المقطوعة، وبالأمس القريب قتلت حماس بلا محاكمة ولا دفاع مجموعة من الفلسطينيين بدعوى الخيانة، ثقافة سنجني ثمارها قريبا: قتل على الطريقة الداعشية، سحل على طريقة الصحبي عتيق وحراب على منطوق دعوة شورو، كلّ ذلك ضمن مشروع ثقافي بدأ فرع الإخوان المسلمين بتونس تنفيذه بعد التمكين من الرّجال بزرع منخرطيهم وتدشين المرحلة الثانية وهي التمكين المؤسساتي لننتقل إلى المرحلة الثالثة من التمكين وهي التمكين الثقافي مع التركيز على التعليم الديني من مدارس قرآنية ودروس مسجدية وشهادات تحمل ختم الزيتونة في اختصاصات واعدة مثل فضل تعدد الزوجات والاقتصاد الإسلامي وأحسن أمّة أُخرجت للناس، ثقافة الالتفات إلى الوراء المقدّس وهتك الأعراض  والجيش الالكتروني.


لا يقتصر هذا الأمر المقرف على النهضة وضواحيها ببرّ تونس بل يتجاوزها الأمر إلى مجموعة أخرى من الأحزاب تدّعي اللائكية والحداثة، وتدافع في جهل وغباء عن الثقافة الدستورية، فقد شهدت هذه الليالي حادثة مقرفة أبطالها نقابيّون على دستوريين على حداثيين، تسابُب وتشاتم واعتداءات لفظية وممارسات يندى لها الجبين، والأدهى أنّ المتساببين سياسيون فاعلون في أحزابهم وأنّهم بهذا الصنيع المقرف حدّ التّقيّؤ يتخاصمون حول القائمات الانتخابية ورؤسائها، والأدهى أنّهم يتصايحون بأنّ كلّ واحد منهم بورقيبيّ حدّ النّخاع وأنّه وحزبه مؤتمن على الإرث البورقيبي، وأنّ كلّ واحد مهمّته لمّ شمل العائلة الدستورية وأنّه الثقة الوحيد، وتطايرت بالجلسة صيحات التخوين والتفاهة والجهل، سلّة من التّهم الجاهزة الناتجة عن الجهل اليساري الدستوري الحداثي المقدس، يدَّعي كل ممثّل حزب أنّ حزبه هو القادر على إنقاذ البلاد، يلتقون حول البورقيبية شعارا فضفاضا ويتقاتلون لفرض مرشّحهم، ولمّا استحال الاتفاق فجرا عاد كلّ واحد منهم إلى أصله الداعشيّ، كلّ واحد يدّعي امتلاك الحقيقة، كلّ واحد يذكّر الآخر بأنّه كان من الأزلام.


فجرًا، انفضّت الجلسة، وغادر كلّ واحد منفردا، وكلّ واحد مقتنع بأنّه يملك الحلّ للبلاد والعباد وأنّ غيره خائن للوطن وإرثه، أرهقتني الجلسة وأنا أتابع ما يحدث وأقول في نفسي " لو كنتم ستقفون في وجه الظلاميّين بعقلية السبّ والتنابز والتنافر والتناحر وسوء الخلق وسوء اللفظ والاعتداء على سمع نادل بسبّ الجلالة بالصوت العالي، وعلى الأخلاق بالجهر باللفظ السوقي، وبالجهل المقرف بتاريخ البلاد وبمُصلحيها وأعلامها، ومداهنة الجامعي للبحّار وترك سائق التاكسي يتحكّم في التصور الاقتصادي والاستشهاد بموقف راقصة في ليلة حمراء، لو تواصل ما حضرته، أكون أمام واجبين: أوّلهما أن أجدّد الاعتذار لنفسي لأني حضرت ليلة السوء تلك وثانيهما أن أصوّت للنهضة ومشتقاتها لو بقي هذا اليسار الغبي على حاله وواصل أشباه الدستوريين سفَهَهم وانحطاطهم الأخلاقي حتى لا أقول قول المثل الهندي" آه لقد عضّني كلبي".

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg