الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/12/05 12:13

البحث العلمي ووسائل الاتصال الحديثة

البحث العلمي ووسائل الاتصال الحديثة

الأستاذ منصور مهني (جامعة تونس المنار)



نشرع اليوم في نشر سلسلة من ثلاث حلقات تتطرق إلى بعض المسائل المتعلقة بالبحث العلمي كتبها الأستاذ منصور مهني ليبدي رأيه في موضوع وفي قطاع شغله لسنوات، نتمنى أن تسهم هذه الآراء في إثراء الحوار حول قطاع لعله من أهم القطاعات ولعله قضاياه من أوكد القضايا ونحن على بوابة الجمهورية الثانية في تونس.  

مدخل عام:
إن من وظائف الجامعة جدلية قد تبدو للبعض متناقضة ولكنها في الأصل متكاملة، وهي ثنائية التقليد والتجديد. فالجامعة تنقل القاعدة المتفق عليها والتقاليد المعمول بها لتضمن استمرارية الثقافة وتثبيتها بكل ما يمكن أن تحتوي من لغة وآداب وفنون ومعرفة، إلخ. ولكن الجامعة، وهي في وظيفتها تلك، تفتح السبيل أمام البحث والتنقيب في ما يمكن أن يدفع بذات الثقافة ومكوناتها وبالمجتمع عامة إلى الإبداع المجدد وإلى الاستنباط المطور تفاعلا مع نظرية التقدم ومنطق الحتمية التاريخية في مكونات الفكر الإنساني.
هي جدلية أزلية تحكم دينامية الحياة عامة وحركية المنظومة التربوية خاصة التي تحتل فيها الجامعة موقعا متميزا وفاعلا. وتبرز هذه الجدلية بصفة جلية في علاقة المنظومة التربوية بوسائل الاتصال الحديثة والتي ننوي التطرق إليها من باب البحث العلمي لما لذاك القطاع من دور مركزي في دفع عجلة التقدم والانفتاح على الحداثة. وبفعل مجال تخصصنا، سيقتصر الطرح هنا على مجال اللغة والآداب والعلوم الإنسانية، مع التأكيد على أن أغلب الملاحظات قد تنسحب على اختصاصات الأخرى.

ونكتفي في هذا الحيز المتاح بطرح بعض المسائل ذات الصلة، دفعا لمزيد التفكير وتعميق البحث فيها، لعل أبرزها في رأينا:

1 – تفاعل الطالب الباحث مع وسائل الاتصال الحديثة

2 – طبيعة المادة المعلوماتية المتوفرة عن طريق وسائل الاتصال الحديثة

3 – تفاعل منظومة التعليم والتأطير مع وسائل الاتصال الحديثة

إلا أنه من المفيد ألا تغيب عنا الصلة الوثيقة التي تربط موضوعنا هذا بمفهوم نسميه "الثقافة الرقمية" بوجهيه الاثنين : الثقافة التي تمر عبر الوسائل الاتصالية الحديثة من جهة، والثقافة التي موضوعها تلك الوسائل من جهة أخرى. الموضوع في غاية من الأهمية، لكنه ليس في محور تفكيرنا هنا ولعلنا نعود إليه لاحقا، لذلك نكتفي بالإشارة إليه وبالتنبيه لعدم تغييبه في الاعتبارات العامة ذات الصلة بطرحنا هذا.  

1 – تفاعل الطالب الباحث مع وسائل الاتصال الحديثة

إن هذا الباب الأول يمكن اعتباره مجال ملاحظة للطريقة التي يتعامل بها الطالب مع وسال الاتصال الحديثة؛ فتبرز لنا مرحلة الملاحظة هذه المعطيات:

+ كثيرا ما يعمد الطالب إلى طريقة استنساخ الأفكار وسرقتها، دون الإحالة إلى أصحابها وإلى مراجعها، في استسهال فاضح، وفظيع أحيانا، لمبادئ البحث ولأخلاقياته. والعملية تتضخم وتستفحل كل سنة كأنها مرض في الجسم البحثي يكاد يتغلب على مختلف أصناف الدواء؛ ولعلنا أيضا لم ندرك بعد الدواء المطابق لذات الصنف من الداء.

وبالتأني في تحليل الظاهرة يمكننا أن ندرك أن المنظومة التربوية، في مختلف مراحلها من الابتدائي إلى الجامعة، قد تكون أخلت بمبدئ تنمية الذكاء في التعامل مع المعلومة وفي مراقبة مختلف مراحل تطور تلك العملية الذكية. حيث أنه، إذا تعود المتعلم على طريقة تجميع المعلومات لسردها يوم الامتحان، فإن ذلك يصبح لديه بمثابة ثقافة وتطبع على السلوك يصاحبانه طيلة مسيرته التعليمية ويبرزان العيوب المتأتية منهما في مرحلة البحث خاصة، عندما تصبح الوسائل والوسائط الحديثة للاتصال مشجعة على مثل التصرف بما تحتوي من سهولة ومن سرعة للولوج إلى المعلومة بالطريقة التي قد تحول دون استثمارها في بناء المعرفة والتطور العلمي.

+ كثيرا ما نستعمل عبارة "وصفة الأكلة" ( Recette de cuisine) لوصف العقلية التي تحكم مثل ذاك التصرف وكثيرا ما نتعامل معها إما بالعقوبة الصارمة التي نتغاضى بها عن مسؤوليتنا في ذات الحالة، وإما بغض الطرف أحيانا عن بعض مظاهرها التي قد تبدو لنا أقل خطورة لكنها تصبح شديدة على المنظومة البحثية بتكررها وبتفاقم مفعولها المؤذي.

لعله من مستعجلات الأمور أن نتوقف في تقويم العملية التعليمية عامة والبحثية خاصة لنتدارس أمر "وصفة الأكلة" لدى الطالب في الجامعة وهو في طريقه إلى مجال البحث. المرجح أن يكون الأمر في علاقة بضرورة الحصول على شهادة بأي طريقة كانت قصد الولوج بها إلى سوق الشغل بصفة متأكدة لتفاقم البطالة وصعوبة الظروف الاجتماعية، ويتم ذلك بربط آلي بين التعلم والتشغيلية وهي معادلة قد تكون فقدت من حقيقتها الشيء الكثير، ربما بفعل الوسائل التقنية الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة الذي أسست لتشغيلية جديدة قد لا تستدعي مراحل متقدمة من التعلم والتعمق في البحث بل التخصص في مجالات ذات الصلة قد يستكمل في حيز زمني مختصر.

في غياب إدراك ذاك الواقع الجديد أو عدم الاقتناع به لرواسب نفسية أو اجتماعية، يبقى التصرف غالبا ما يركن إلى وسائل الاتصال الحديثة لإيجاد أشباه الحلول السريعة والسهلة التي تمكن من استكمال العمل المطلوب دون اعتبار لركائزه القيمية أخلاقيا وأكاديميا.

النتيجة الحاصلة من هذه الظاهرة هي: الاضطرار لسن قانون جزري يعاقب السرقات الفكرية بحرمان الطالب في البحث مدة خمس سنوات من التقدم للمناظرات العلمية والأكاديمية في صورة ثبوت التهمة عليه.

+ إلا أن عيوبا أخرى يمكن ملاحظتها لدى طلبة البحث الذين يتسمون بجدية ثابتة في التعامل مع المجال البحثي، وعي عيوب قد تكون ناتجة عن نقص التكوين في الثقافة الرقمية من حيث هي امتلاك لقدرات ومهارات ضرورية، ولو لحد أدنى، حتى يتمكن الطالب من حسن استعمال وسائل الاتصال الحديثة ومن استغلالها بكثير من النجاعة.

لعل من أكبر العيوب هنا هو الخلط الحاصل لدى البعض، وهم ليسوا قلة، بين المكتبات الرقمية المحكمة وبين بعض مصادر المعلومة على الشبكة العنكبوتية. فكثيرا ما يقتصر طلبة كثر على مراجع من نوع "ويكيبيديا" لاعتماد مفاهيم علمية لا تثبت منهجيا إلا بالرجوع إلى مصادرها الأولى أو على الأقل إلى مراجعة محكمة جامعيا.

ثم إن شبكة الانترنت، التي قد تكون مدخلا لا يستهان به لتشكيل ببليوغرافيا ضافية، كثيرا ما تعتمد كسبيل لتقصير المسافة وتبسيط الأمور لببليوغرافيا غير مثبتة علميا وصالحة فقط لأخذ مكانها في نهاية البحث. حتى إن بعض المراجع الرقمية التي لم تعد في حالة اشتغال تجد مكانا لها في ببليوغرافيا البحث مبرهنة على عدم التعامل مع الأمر بكل جدية.
ولعله من المفيد، بعد هذه الملاحظات الأولى وفي مواصلة لها، أن نتطرق إلى طبيعة المادة المعلوماتية المتوفرة عن طريق وسائل الاتصال الحديثة. ذاك هو موضوعنا في الورقة اللاحقة من هذه الثلاثية.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg