الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/07/22 16:32

الصّيف ضيف

الصّيف ضيف

بقلم سعد برغل.

هل يجوز للأولياء اليوم أن يعودوا إلى الوراء ويفرضوا على أبنائهم سيرا كانوا قد عرفوها ومواقف كانوا قد شهدوها وقيما كانت منظومة الأولياء زمن كانوا شبابا؟ هل يحُقّ للأولياء اليوم لأن يروا في أنفسهم السلطة العليا على قرارات الصّغار تماما  كما كان آباؤهم؟ هل عليهم اليوم؛ علينا اليوم ؛ أن نستثمر قولة تُنسب إلى عليّ بن أبي طالب" لقد خُلق أبناؤنا لزمان غير زماننا"؟.

أسئلة كثيرة يطرحها الأولياء اليوم على أنفسهم، فالزّمان غير الزّمان والإمكانات غير الإمكانات، يكفي للوقوف على المسافة بين ماكان من منظومات اتصالية تقليديّة نواتها العائلة ثمّ الإدارة وما يعيش الشاب اليوم من تدفّق مباشر لآلاف المعلومات عن طريق الشبكة دليل كاف لإعادة النّظر جذريّا في منظومة التربيّة وبيداغوجيا التواصل الأسريّ، فمجتمع المعلومات اليوم طغى بشكل رهيب على كلّ مصدر تقليديّ للمعلومة ، وتقلّصت السلطة تقلّصا مخيفا، فرمزيّة السلطة ممثّلة في القانون أصبحت محلّ تساؤل مستمرّ، من الكبير والصّغير، وأذكر هاهنا نادرة حدثت مع ابني لمّا ما يزال صغيرا، كنت أسعى إلى إقناعه بالمطالعة، وأمام كثرة إلحاحي الذي رآى فيه  اضطهادا هدّدني برفع أمري إلى القضاء بدعوى الاعتداء على حقوق الطّفل، حادثة غيّرت نظرتي إلى ابني، ودفعتني في كثير من المرّات إلى التّساؤل عن حكاية حقوق الإنسان والطّفل وهل لنا القدرة العقليّة لحسن استثمارها مع جيل ضرب عرض الحائط بحكايات الجدّات وخرافة أمّي سيسي و توم أند جيري، و لايعرف باب المكتبة العموميّة ولم ينم ليلة متوسّدا كتابا ولم يخطر بباله يوما أن يبحث في القاموس عن معنى مفردة، بل الأدهى أنّه جيل لو سألته عن مجلّة أو كتاب أو مبدع  لنَظَر إليك وقد امتلأت منه النّفس بالعطف عليك، حتى لا أقول فاضت به السّخريّة لسؤالك الغبيّ، ولا تعرف ردّ فعله لو نبّهته أن للفنلنديّين مثلا شعبيّا يقول"اقرأ حتى لو كنت تغرق"، والأكيد أنّه سيضحك وأنت تستشهد بمأثور العرب" خير جليس في الأنام كتاب".

 لم أستغرب الضجّة التي أحدثها تأخّر صعود الفنّانة الأمريكية لوري نهيل خشبة مسرح قرطاج، وحالة الصّياح والتنديد التي صاحبت هذا التأخّر من شباب يحفظ جيّدا أغانيها وانتقل البعض للسهرة من مدن وسط البلاد، و لا أستغرب الحملات التمجيديّة لبرمجة كافون والرقص الشبابي الهستيري على إيقاع "قبّي قبّي" فكلّها ظواهر من مظاهر تقع على نفس الخشبة، انتقال من فيروز وماجدة الرومي ومارسال خليفة وثقافة السّماع إلى إيقاع سريع على خطى اللمجة والأكلات السريعة والماكدونالدز، انتقال من إيقاع الخليل مع القصائد الخليليّة المغناة مع نجاة الصغيرة وفائزة أحمد وعبد الحليم وأمّ كلثوم إلى أغاني الهيب هوب والشّارع والزطلة والكيف.

ما هي الأدوار الممكنة لدور الثقافة اليوم، بنواديها ومنشّطيها؟ كيف يمكن أن يُسهم المجتمع المدني في تجاوز هذه الكارثة المتعلّقة بالقراءة؟ لا نحتاج فعلا إلى تأكيد  خلوّ المطتبات العموميّة من الروّاد إذ يكفي أن تمرّ أمام مكتبة عموميّة بها  آلاف الكتب وعدد غير معقول من الموظّفين العاطلين لتنتبه إلى أنّ مظاهر الرّداءة حطّت بكلكلها وأناخت جِمالها: موظّفات منهمكات في الثرثرة وتشابك الأصوات مقابل طاولات فارغة لا قارئ بها، موظّفة تلعب إحدى ألعاب الحاسوب، موظّف يتصفّح المواقع الرياضيّة أملا في ربح البرومسبور، بمحاذاة المكتبة أو قبالتها "مخزن" مجهّز بعدد من الحواسيب، أمام كلّ حاسوب عدد من اليافعين يتصايحون وتتعالى من أفواهم مصطلحات حربيّة: اقتله، أضرب، من هناك؛ وراء الجدار، عمّر الكلاش، اركب الهامر.....

صيف سيمرّ كما مرّت أصياف كثيرة، شباب عاطل عن القراءة والتفكير، عرضة للرقص بالشواطئ، يحلم بعجوز أكبر من أمّه لتفتح له أبواب جنّة الغرب، شباب كما كلّ صيف يبحث عن مراكب الموت جريا وراء وهم جنّة الغرب، مكتبات ستبدأ  الفئران قريبا في  شكرنا فقد وفّرنا للقوارض متعتهم، ووزارة الثقافة تُشكّل لجان اقتناء الكتب، وجور نشر تطبع، وكتّاب يشتكون من حرّ الصّيف  ومواطنون يسبّون قناة لبثّها مسلسلا " لا يعكس  صورة  المرأة التونسيّة"، وجامعة لا تعتمد النشاط الثقافيّ معيارا من معايير النجاح.

يبقى السّؤال: لماذا أجمعت الإحصائيات على ارتفاع عدد التونسيّين المتشدّدين بكل النّحل الإرهابيّة؟ كيف يتحوّل الطالب التونسيّ من راقص إلى قاتل، ومن مريد علم إلى مريد شعوذة ومن باحث في المخابر إلى مختبئ في كهوف الجبال؟.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg