الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2016/03/02 09:55

الفيسبوك وثقافة إهدار الوطن والعمر

الفيسبوك وثقافة إهدار الوطن والعمر

بقلم سعد برغل

 لعلّنا إلى اليوم مازلنا لم ننتبه إلى المسافة بيننا وبين الآخر في تحليل الخطاب، فقد سبقنا الغرب منذ سنوات إلى الانتباه إلى ظواهر كثيرة نعيشها يوميّا ونتأثّر بها ولا نتصوّر أنها يمكن أن تكون موضوعا للتحليل الجامعي أو للتحليل الاجتماعي؛ وبقي أساتذتنا يحلّقون بعيدا في أجواء نظريّة جعلت النخبة في واد والمجتمع في وادٍ، حتى إذا وقعت الواقعة واهتزّ الناس من النوازل التفتوا إلى نخبهم يحمّلونهم المسؤوليّة ويعود السّؤال الذي كانت المؤلفات تطرحه عن أدوار النٌّخب ووظيفة النخبة.

اليوم ، وقد اكتسح التواصل الافتراضي المعمورة  وأبدعت المجموعات الافتراضيّة خطابا وجب أن نتعمّق في تحليله، خطاب يجد أبهى تجليات مرارته السّاخرة في نكتة سارت بالواقع الاجتماعية تقول" أمام تباطؤ تحميل النّات، كانت لي فرصة  الالتقاء بالعائلة، انتبهت إلى الشيب الذي غطى كامل شعر أبي، وإلى بدانة أخت ، وإلى حمل أمّي لنظارات طبيّة".

  إنّ القضايا المتعلّقة بهذا الخطاب  الافتراضي كثيرة ومتشعبة، منها ما يهمّ المنشور مثل توفّر الوسائط التفاعليّة من عدمه، ومنها ما يتعلّق بتوفّر القارئ الرّقمي والناقد الرّقمي كذلك وهو فضاء يمكننا أن نفهم منه آليات المجتمع وتفاعله وعناصره الّنشطة، فالإرهاب أفضل مستثمر لهذا الفضاء في حين تتراجع كلّ المنظومات التربويّة عن استثماره، وتدافع فيه قوى اليمين والتقتيل على أطروحاتها بمختلف الوسائل العنيفة الرّمزيّة منها والماديّة، في حين تبقى المواقع الاجتماعيّة المرتبطة بالأطروحات المدنيّة سجينة بعض الاستعمالات البدائيّة لهذه المواقع، فيكتفي السياسيون بنشر مقاطع من تدخلاتهم بالقنوات الإعلاميّة، أو يوكّلون أمر إدارة صفحاتهم إلى منتسبي الأحزاب الذين لا ثقافة اتّصاليّة لهم ، في الوقت الذي تدفع القوى السلفيّة الأموال الطائلة لتجنيد كفاءات في التصوير والمونتاج والمؤثّرات و يقع استقطاب الشباب بتدوينات تدغدغ فيه هذا الميل إلى الحماية وتوفّر الأمن النفسي أمام  الفراغ الثقافي والتهميش الاجتماعيّ والبطالة المستديمة، فلا يجد هذا الشّاب ملاذا سوى الارتماء في أحضان حسابات افتراضيّة تعده بالجنة وبالحور العين وترغّبه في القتال والانخراط في تقتيل أخيه وتدفع للشباب العاطل أموالا بالدولار والأورو.

دوّنت الشّاعرة فوزية العلوي تدوينة يمكن اعتبارها من التدوينات التي حازت السبق في الانتباه الواعي إلى خصوصيّة الفضاء وما يتطلّب من مهارات ومن ينتظر المبدع منه وواقع الحال فعليا تقول " فضاء النفاق والكذب والمجالات (المجاملات) والجمل الجاهزة لكلّ المناسبات فضاء خلناه جسر مودّة وتواصل فبات جسرا للمكر والتّخاذل".

  وقد نقرأ التدوينة على أنها مطلقة ، ويمكننا سحبها على كل التبادل القولي المنشور بالفضاء الافتراضي، رغم خلوّ التدوينة من تخصيص الفضاء المقصود، لكنّ الهاجس الإبداعيّ للشاعرة والروائيّة فوزية العلوي يساعد بعناصر من خارج سياق التدوينة على الإقرار بأنّ الموقع الاجتماع‍يّ الفايس بوك هو موضوع التدوينة والنقد.

ماذا انتظر المبدعون من هذا الفضاء وماهو واقع الحال؟ سؤال يلخّص في جزء كبير واقع الخطاب النقدي الافتراضي، فتدوينة فوزيّة العلوي كان يمكن استثمارها استثمارا بنّاء لمناقشة مسألة حيويّة تهمّ الخطاب النقدي الافتراضيّ وتجعل الأصدقاء، وهم في سوادهم، من المبدعين والجامعيّين يتطارحون وظيفة النقد بالموقع الاجتماعي الفايسبوك، وكيفية النّهوض بهذا النّقد وبداية التّفكير في خصوصياته وأهميّته بخلق ثقافة افتراضيّة تنويريّة، واعتماد المحادثات الافتراضيّة مكانا لتعميق الوعي بالتعامل الديمقراطيّ، بعيدا عن إقصاء المخالف  والتشنيع به واستعمال قاموس تنفيريّ جنسيّ أو تكفيريّ.

أسئلة كثيرة يطرحها هذا الفضاء الافتراضيّ من مواقع اجتماعيّة وصحف الكترونيّة ومدوّنات رقميّة وحسابات شخصيّة وحساب مجموعات يأكل من وقتها النقاش الافتراضي ساعات كثيرة دون أن تتحوّل النقاشات الافتراضيّة مختبرا لصناعة مواطن معتزّ بوطنيّته ومدى صلابة العود متجذّر في أصالته و دون أن نقصي المرأة من حقّها في الخوض في الشأن العام بالاستنقاص منها والسخريّة من مواقفها أو باقتطاع مواقفها وتجييش الناس عليها، ودون إسقاط الرموز الثقافية الوطنيّة في لعبة مبتذلة تمهيدا لتبشير الناس بثقافة صحراويّة قروسطيّة.

علماء اللسان وعلماء الاجتماع وعلماء الاتصال وعلماء النفس وعلماء البيداغوجيا مازالوا إلى حدّ السّاعة ينشرون مواقفهم وتعريفاتهم بالحسابات الفايسبوكيّة ولكنهم إلى حدّ السّاعة لم ينتبهوا إلى أن هذا الفضاء الافتراضيّ أخطر فضاء عرفته البشريّة وأنّ صلاحها أو هلاكها سيمرّ حتما بكيفيّة التعامل مع هذا الفضاء ودراسته وتوجيهه.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg