Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2014/01/20 12:36

تلك الولد.. ذاك البنت بقلم منصف الوهايبي

تلك الولد.. ذاك البنت بقلم منصف الوهايبي

خطأ مشهور خيرٌ من صواب مهجور(مثل عربي)


 

يَعيب قليل أو كثير منّا على إذاعاتنا وتلفيزيوهاتنا، اضطراب لغة مذيعيها أو بعضهم، ولغة المواطنين المتدخّلين؛ وخاصة كلّما تعلّق الأمر بالعربيّة الفصحى. وينكرون أخطاء اللغة واللحنَ فيها. وهذا الموقف على ما به من حقّ، قد لا يكون سليما في كلّ الأحوال. فالخطأ مقصود وغير مقصود، والخطاب الشفوي أو المرتجل ليس كالخطاب المكتوب. وفي هذا السياق أسوق رأيا طريفا للشاعر البرتغالي فرناندو بسّوا في "كتاب اللاطمأنينة".

  فقد طرح على نفسه ذات يوم السؤال الذي يطرحه الكاتب عادة: "كيف أكتب؟" ويجيب أنّه لم يكن ليختلف عن الآخرين، فلديه "تلك الرّغبة المفسدة في امتلاك نظام وقاعدة بهذا الشأن"؛ رغم أنّه مارس الكتابة قبل أن يمتلك أيّا منهما. يقول: "اكتشفت بتحليل ذاتيّ أنّ نظام الأسلوب عندي يرتكز على أساسين:

ـ أوّلهما أن أعبّر عمّا أحسّ تماما وفق ما أحسّ، بوضوح إن كان ما أحسّه واضحا، وبغموض إن كان غامضا، وملتبسا إن كان ما أحسّه ملتبسا بالفعل.

 

ـ ثانيهما أن أدرك أنّ القاعدة النّحويّة هي أداة وليست قانونا." ويسوق، لـتأكيد وجهة نظره، مثالا من الواقع، كأن نشاهد فتاة ذات سلوك ذكوريّ. فما الذي يمكن أننقولهعنها؟ وبأيّة لغة أو أسلوب نصفُ هذا السّلوك؟

أمّا العامّي فيقول عنها: "البنت تبدو ولدا". آخر سيقول وإن بصيغة أقرب إلى الوعي بأنّ الكلام ليس إلاّ التعبير: "هذه البنت ولد". ثالث له وعي هو أيضا بمتطلّباتالتّعبير، سيقول "مدفوعا بنزوة الاقتضاب الذي هو التجسيد الحيّ لشبقيّة الفكر: "ذلك الولد ". أمّا بسّوا فيقرّر أن يقول على الفور، أي دون تريّث: "تلك الولد "، لينتهك بذلك أكثر القواعد النّحويّة تواترا وهي التي تلزم المتكلّم بمراعاة التطابق في الجنس والعدد بين النعت والمنعوت. يقول بسّوا: " سأقول حسنا.. أنا استخدمت الألفاظ مطلقة، على نحو فوتوغرافي، خارج المألوف والقاعدة وما هو مبتذل"، ليخلص إلى هذا الاستنتاج " أنا لم أتكلّم وإنّما عبّرت". وفي السياق نفسه، يتابع بسّوا استعمالات لغويّة مخصوصة مثل الأفعال اللازمة والأفعال المتعدّية، ليقطع بانّها تقسيمات مشروعة وزائفة في آن، لأنّ الانسان الذي يجيد التعبير عمّا يحسّ أو هو يفكّر ما يحسّ، يجد نفسه مدفوعا في حالات غير قليلة، إلى أن يحوّل فعلا متعدّيا إلى لازم أو العكس

 

والأمر على ما نرى ونرجّح، نوع من" شعريّـة الخطـأ" أو "جماليّة الخطأ" وطريقة خاصّة في تدبّر العلاقات بين اللّغة والذّات، وبين اللّغة والمجتمع، في صور أو تراكيب "متصنّعة"  قاعدتها نقض القاعدة، بحيث يحلّ تركيب محلّ تركيب أو يتسمّى شيء باسم شيء آخر أو هو يصبح شيئا لغويّا، لتتحوّل الكلمة في العالم وعنه، إلى خيال تتراسل فيه وبه الأشياء والكائنات؛ وما يمكن أن يتيحه ذلك للقارئ من تبصّر في العلاقة بين الشّيء ولغته وتسميته، وبعيد تأمّل واستقصاء نظر، سواء استرسل إلى الصّورة والتركيب واستأنس، وعدّهما موافقة نحويّة خاصّة لما أحسّه المتكلّم أو مناسبة استعاريّة أو استهجنها وعدّها من فظّ الكلام أو من الخشونة النّحويّة والاستعاريّة

 

بل إنّ هذه الخشونة أو ما يسمّى بالتّنافر النحوي "المنطقي"، ليس إلاّ مظهرا خادعا، ذلك أنّ مناط الأمر ّتقنين نحويّ استعاريّ"، وطريقة خاصّة في تحويل النحو إلى نظام لا سند له إلاّ من داخل الخطاب، وما يمكن أن ينهض به من إضاءة التّماثلات القائمة في ذات المتكلّم.

 

 فلعلّ الأسلوب نفسه خطأ مقصود، وعدول عن طريقة. ولكن شريطة أن ندرك أنّ اللّغة ليست تمثّلا لحقيقة موجودة سلفا أو لمعنى قائم في العالم، وشهادة لنظام ما للكون، مرتّب ملموس. فالإقرار بهذا لا يعدو رؤية دينيّة مثاليّة تتصوّر الانسان موجودا في نظام خارج نطاق سيطرته، وإن لم يكن خارج نطاق قدرته على تنظيمه

 

ومثل هذا التصوّر "الدينيّ" هو الذي يرى في الخطأ، إحالة وفساد معنى، أو إفراطا في استخدام النحو واستهانة بقواعده

 

 إنّ الخطأ الجميل في السياق الذي نحن به، اضطراريّ وليس اختياريّا. وربّا لا مسوّغ له سوى إرادة المتكلّم في قول "ما لا ينقال" أو ما يدقّ عن القول والوصف، لقصور لغويّ أو لأنّ اللّغة لا تعرف كيف تؤدّيه؛ وكأنّ الذّات تريد من اللّغة أن تبلّغها ما ليس تبلغه من نفسها اللّغة.

 

 يقول بسّوا إنّ الانسان الذي لا يعرف كيف يفكّر ما يحسّ، هو الذي ينصاع للنّحو، ويوضّح أكثر في سخرية "وطني هو اللغة البرتغاليّة، ولن يحزنني أن يُجتاح البرتغال أو يُحتلّ، طالما لم يصبني الأذى شخصيّا، لكنّني أشعر بكراهيّة حقيقيّة نحو الصّفحة المكتوبة بشكل سيّئ…أكره النحو المستعمل مغلوطا كراهيّتي لأشخاص يتوجّب صفعهم…" وليس في هذا أيّ تناقض بينه وبين دعوته إلى انتهاك القاعدة النّحويّة كلّما لزم، لأنّ ما يميّز الخطأ، بالمعنى الذي سقناه، إنّما هو القصد. ولولا القصد لاستوت أقاويل الكتّاب والشّعراء، بأغاليط الأطفال وهلوسات المجانين اللغويّة

 

 يختم بسّوا هذه الشذرة الممتعة من" كتاب اللاطمأنينة"، بهذه الطّرفة "يحكى عن سيجموند ملك روما، أنّه أجاب بعض من نبّهه إلى خطأ نحويّ ارتكبه، وهو بصدد إلقاء خطبة: "أنا ملك روما، وملك النّحو علاوة على ذلك." ويروي التاريخ أنّ هذا الملك عُرف خلال فترة حكمه بسيجموند "السّوبر نحوي". رمز عجيب بلا شكّ. كلّ من يعرف قول ما يقول هو ملك روما بطريقته الخاصّة

 

  أقوال بسّوا منقولة من "كتاب اللاطمأنينة ـ ترجمة المهدي اخريف (بتصٍرّف بسيط منّا) الكرمل العدد66 /2000 ص.203

 

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg