دراسة.. ولاية القصرين أكثر المناطق تهميشًا وحرمانًا


لا تزال ولاية القصرين من أكثر المناطق التونسية تهميشًا وحرمانًا، وهو ما تؤكده المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية على حدّ سواء.
وكشف المرصد التونسي للاقتصاد، في دراسة قدمها صباح اليوم عن "عمق اللامساواة المكانية في تونس، وكيف تتحول هذه الفجوة الجغرافية إلى انتهاك للحق في التعليم، خاصة في الجهات الداخلية، وكانت القصرين المثال التي أنجزت من خلاله الدراسة.
ورغم ان الفصل 38 من دستور 2022 ينص على أن التعليم حقّ إلزامي ومجاني لكل الأطفال التونسيين بين سن 6 و16 عامًا، غير أن الواقع في ولاية القصرين يُظهر أن هذا الحق يُفرّغ من مضمونه، حيث تغيب المدارس في عدة مناطق ريفية أو توجد في حالة متدهورة خاصة بنيتها التحتية، كما يعاني التلاميذ من غياب وسائل النقل المدرسي، وارتفاع كلفة التنقل واللوازم المدرسية، ما يجعل من التعليم امتيازًا مرتبطًا بالموقع الجغرافي، لا حقًا يكفله الدستور.
ومن خلال الدراسة سجّلت ولاية القصرين، منذ سنة 2015، أعلى نسب الانقطاع المدرسي في البلاد، لا سيما في المرحلة الإعدادية.
وقد بلغت نسبة التلاميذ المنقطعين عن الدراسة على المستوى الوطني خلال السنة الدراسية 2021-2022 نحو 4%، في حين ترتفع هذه النسبة بشكل مقلق في القصرين، خاصة في المناطق الريفية.
ويرتبط هذا الوضع بشكل وثيق بمعدل الفقر الذي بلغ 33.6% في ولاية القصرين سنة 2020، وهو الأعلى على مستوى الجمهورية.
وتشير معطيات المرصد إلى أن 46.7% من العائلات في منطقة الوسط الغربي أفادت بأن الأسباب الاقتصادية تقف وراء انقطاع أبنائها عن الدراسة، ما يجعل من الفقر والتهميش بيئة طاردة للتعليم.
وتعاني العديد من مدارس القصرين من تدهور البنية التحتية، وغياب الفضاءات الرياضية والثقافية، بالإضافة إلى نقص التجهيزات الأساسية والمرافق الصحية.
ورغم أهمية التعليم في كسر دائرة الفقر، إلا أن نسبة الاستثمار العمومي الموجه للتربية لا تتجاوز 5.5% من مجموع نفقات الدولة، وهي نسبة تبقى ضعيفة جدًا مقارنة بحجم الحاجيات، خاصة أن نصيب القصرين منها لا يتجاوز 5.8%.
و قد كشفت الدراسة أن نسب الالتحاق بالمدرسة لدى الفتيات في القصرين أقل بكثير من المعدل الوطني، حيث تنخفض أحيانًا إلى ما دون 85% في بعض المعتمديات.
ويعود ذلك إلى عوامل متعددة، منها الفقر، وبُعد المدرسة، وانعدام الأمن في بعض المناطق، مما يدفع العائلات إلى تفضيل بقاء الفتيات في المنازل على مواصلة التعليم.
كما تشير نتائج دراسة المرصد التونسي للاقتصاد إلى أن الانقطاع المدرسي في ولاية القصرين ليس فقط نتاج الفقر، بل نتيجة مباشرة للسياسات العمومية غير العادلة في توزيع الموارد.
ويتطلب الوضع الراهن تدخلًا عاجلًا وفعّالًا من الدولة من أجل مراجعة آليات تمويل التعليم وتوجيه المزيد من الاستثمارات إلى الجهات المهمشة تحسين البنية التحتية المدرسية وتوفير النقل المدرسي المجاني دعم الأسر ذات الدخل المحدود باللوازم المدرسية والمنح تعزيز البرامج الاجتماعية التي تشجع على إبقاء الأطفال، خاصة الفتيات، في المدرسة.
نسرين علوش



