Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2013/11/05 10:37

رأي - استحضار الخواطر : ما بين بغداد ورام الله وبورتو والقيروان بقلم منصف الوهايبي

رأي - استحضار الخواطر : ما بين بغداد ورام الله وبورتو والقيروان بقلم منصف الوهايبي

خان الأورتمة 1988

قريبا من المدرسة المرجانيّة في بغداد، يقوم خان مرجان.. خان لا يفصل بينه وبين المدرسة سوي شارع الرّشيد.. ندخله ذات غروب من خريف 1988 عبر واجهة تزيّنها كتابات وزخارف شتّي.. كانت أرض السّوق المجاور قد ارتفعت قليلا، وبدا الخان ـ علي علوّه ـ وكأنّه يغوص في الأرض! أذكر كان أحد جدرانه متصدّعا.. من أثر الصّواريخ.

من الباب تنبعث المقامات العراقيّة الشّجيّة.. الحزن عندما يعتّقه الزّمن، فإذا هو ظلّ الصّوت أو قوس الصّدي، صدي أصوات المسافرين والـتّجّار الذين مرّوا بالخان ذات يوم! الخان طابقان: سفليّ وعلويّ، يحتوي كلاهما علي حجرات صغيرة مشرعة على صحن مسقوف. ولذلك سمّاه البغداديّون "خان الأورتمة" (لفظة تركيّة مشتقّة من أورتواي أي الغطاء أو السّتر).

على جانبي المدخل سلّمان يقودان إلي ممرّ ضيّق؛ حيث مداخل الحجرات ذات العقود المدبّبة تضفي على المكان زخرفة بسيطة. وما بين المكان البغدادي البسيط وشعر سامي مهدي تنعقد آصرة لطيفة.. قصائد قصيرة مكثّفة، كلّ سطر فيها أشبه بحجرة صغيرة في خان مرجان! قصائد طلّقت البلاغة ثلاثا، لتعيد الشّعر إلي وظيفته الأمّ: التّسمية حيث الكلمة والشّيء كيان واحد! ولذلك نقف في كلّ كلمة فيه ( والكلمة مشتقّة من ك ـ ل ـ م ، ومن معانيها جرح) علي أثر ندبة باقية أو جرح أبيض قديم."كان ثمّة ظلّ ومصطبة في الحديقه / كان ثمّة في الظّلّ سيّدة يتمرّغ في حضنها طفلها / وهي ساكنة مثل بئر عميقه / كان ثمّة سيّدة / وحقائب مثقلة / وسماء محلّقة فوقها / وطيور طليقهالآن لابـــدّ أن ننتـــقي رجلين نعدو بهما أو جـــــناحين قوييّن فنعلو..

ونطير!" ***رام الله  سبتمبر 2000من شرفة "بيت الشّعر" في مدينة رام الله، يمكن حتّى في العتمة، أن تتبيّن مستوطنة "بساغوت" رابضة فوق التّلّ.. على مسافة مئات الأمتار.. يمكن أن تلمح المنازل وأبوابها..الأسلاك الشّائكة وفوّهة المدفع.

ويمكنك أنت الذي لم يفقد صوته في فوضى الأصوات.. الذي يلمح الأبد في ثنايا الزّمن، أن تنادي علي قتلتك واحدا واحدا! أمّا أنا الواقف في الطّرف الجنوبيّ من ليل القيروان، فأهبط سلّم الذّاكرة وئيدا، إلى حيث أرى آثار طلقاتهم علي جدار "بيت الشّعر" في رام الله، الجدار الذي علّقت فيه صور بالأسود والأبيض، لشعراء راحلين: عبد الوهّاب البيّاتي، أحمد شوقي، ابراهيم طوقان، نزار قبّاني، أمل دنقل... وربّما أضيفت  صورة  حسين البرغوثي الذي رحل  في صبيحة باردة، علي وقع رصاص القنّاصة والمستوطنين الذين كانوا يطلقون النّار، في الشّوارع المحيطة بالمستشفى! وأراكم: غسّان زقطان والمتوكّل طه ومراد السّوداني... منهمكين في جمع الخراطيش الفارغة، وتغيير زجاج النّوافذ، على حين يهبط الضّوء وئيدا ثمّ يعتم.. ولكن يكفينا قليل من الضّوء القادم من أعمدة الطّريق، لنري فيه وجوهنا شاحبة كالبراءة، بريئة كالنّدم!ثمّة شجرة خضراء رماديّة مثل عمود الإشارات..

لابدّ أنّ طيور الدّوري في رام الله، لاذت بها قبل هبوط اللّيل.. ولقد سمعت هذه الشّجرة تغنّي عند أوّل خيط من الشّمس، وكان الكرز يحمرّ في عسله الأخضر!

 

 بورتو خريف 2001أنا الشحّاذ على بابيذات صباح مشمس، في بورتو القديمة، على حافة الأطلسي حيث يتآخى نهر"دورو" والبحر، كانت المدينة لاتزال نائمة في صمت الموسيقي التي هدهدت اللّيل.. طوال اللّيل.. في كوكتيل من الأصوات الصّاخبة، ونقر عنيف يمازج الدّم ، والقلب ينبض علي صحنين: واحد يجمع، وآخر يفرّق! ألهذا أنت لم تهرم في بورتو!؟ يا دانيال فاريّا! وآثرت ـ مثل الشّابي ـ أن ترحل قبل الأوان.قالت  روزا أليس برنكو السيّدة التي نسيت أن تكبر، وهي تومئ إلى باب رماديّ داكن :"هذا بيت دانيال فاريّا!" ثمّ أخذت تقرأ فينا قصيدتك ما بعد الأخيرة:ينبغي أن أكون الزّمن الأخير المطر النّهائيّ الأخير علي آخر حيوان في المرعي الجثمان حيث الرّتيلاء تقرّر الدّائرة/ آخر درجة في سلّم يعقوب/ ينبغي أن أكون الشّحّاذ على بابي/ والبيت المعروض للبيع/ ينبغي أن أكون التّراب الذي يستلمني/ والشّجرة التي تغرسني/ في الصّمت بطيئا، في العتمة، ينبغي أن أكون الأمس/ الملح المتلفّت إلي الوراء/ والسّؤال عند ساعة الرّحيل.***وصفة لصنع الأزرق2002

قرأت وصفتك لصنع الأزرق.. يا نونو جوديس.. حفظتها عن ظهر قلب. أخذت قطعة من السّماء، وألقيت بها في قدر كبيرة. حملتها إلى نار الأفق، ومزجتها ببقايا أحمر الفجر حتّي ذابت. ثمّ سكبت الكلّ في حوض كبير مثل بركة الأغالبة في القيروان. وقلت لن يرسب فيها شيء من أوساخ ما بعد الظّهيرة. هي قائظة جدّا مثل أصياف "مرتولا" في أقصى جنوب البرتغال. ثمّ غربلت بقايا ذهب الرّمل حتّى علق لونه بالقاع المعدني. ولكي لا ينصل اللّون، ألقيت في الحوض نواة خوخ محروقة، ونظرت: لم يخلّف أسود الرّماد أيّ أثر من حمرة على السّطح المذهّب. وإذ قارنت اللّون بأزرق السّماء، كانا حقّا توأمين، حتّى أنّي لم أعد أميّز لون الأرض من لون السّماء.هكذا فعلت أنا منصف بن المختار بن أبي القاسم الوهايبي، الواقف في الطّرف الجنوبي من ليل القيروان. وهكذا " خلّـفـت" هذه الوصفة لمن يريد ذات يوم أن يحاكي السّماء أو يقـلّـد الأرض !

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg