الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/07/24 15:28

سياحة الجمال والعملة الصّعبة

سياحة الجمال والعملة الصّعبة

بقلم سعد برغل

لاحظت، بعد سنوات من التّعامل مع المادّة الإعلاميّة، أنّ ببلادنا باورنات إعلام، بالونات لا تصلح أحيانا أكثر من اعتمادها واجهة يقع القذف بها خارج مدار الدّار كلّما أحسّ المسؤول أنّ منصبه في خطر، فيضحّي بأحدهم محمّلا إيّاه مسؤوليّة ما وقع، وتحضرني هنا "إشاعة" قريبة من الواقعة؛ تقول إنّ الرئيس المخلوع عندما كان في زيارة إلى ايطاليا لتسلم الدكتوراه الفخريّة التي نسّقها جامعيّ مقيم هناك رحمه الله، كان من المقرّر أن تبثّ التلفزة الوطنيّة مراسيم الحفل والتقديم، وكان رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزة ضمن الوفد الرّسمي، وحدث أن انقطع البثّ لأسباب تقنيّة، فوقع الاستغناء عن السيد الرئيس المدير العام وغادر نحو تونس قبل انتهاء الزّيارة، وصادف أنّ نفس الرئيس المدير العام قد تلقّى شكوى، قُبيل تلك الفترة، من مستمع غيور على عروبته، وأعلم الرئيس المدير العام أنّ منشّطا بإذاعة المنستير قد بثّ ضمن بشائر الصباح أغنية لمطرب يهوديّ بمعنى صهيوني عدوّ للعروبة والإسلام ، وهو ما يعني كذلك، نيّة المؤسّسة في التّطبيع الإعلاميّ مع العدوّ الصهيوني، فكان أن "مسح"  المدير العام الخطأَ في مدير الإذاعة  الذي مسحه بدوره في رئيس المصلحة الذي لا علم له ولا ناقة، وكان من نصيبه استجواب إداري وعقوبة  أخّرت  تثبيته في رتبته.

هذه عيّنات من وقائع كثيرة في المشهد الإعلاميّ بتونس الذي واكبته سنوات، كنّا نلتقي ونتندّر بها، لكنّا اليوم نجد أنفسنا من جديد أمام ظواهر كارثيّة بهذا المشهد، ظواهر يتحمّل السياسيّ أوّلا مسؤوليتها، وقد قرأت البارحة تعليقات كثيرة على تغريدة للنائب عماد الدايمي بصفته أمين حزب تتداخل معها صفات كثيرة يلبسها الرجل، فهو المواطن طبعا، الجنوبيّ ناخبين، رجل السياسة والتحالفات والنائب بمجلس النّواب، تغريدة يتوجّه بها إلى السيد وزير العدل في قضيّة مشهود بها كادت تنسف صرحا إعلاميّا، لكنّ "جامع الصفات" خاطب وطالب السيد وزير العدل من أعلى منبر الفايسبوك، ولمّا سأله أحدهم كيف لا يخاطب السيد الوزير بمكتبه بصفته نائبا وهل له ضمانة أنّ ما كتبه سيبلغ السيّد الوزير، أجاب في ثقة المؤتمرين بشعبيتهم أنّها بلغت الوزير قبل أن يقرأها السّائل.

ولمّا كثر القيل والقال حول زيارة ساركوزي لبلادنا، وحمّل الرّاصدون للكلام مسؤولية مواقف الفرنسي من الجزائر للحزب الأغلبيّ، وظهر الكثير من السياسيّين يتنافسون تنافسا محموما في ولائهم اللامشروط للجزائر، لا من باب حبّ الجزائر، بل من باب المزايدات، سارع محسن مرزوق إلى جداره وتبرّأ من مواقف ضيفه الفرنسيّ مشدّدا على أواصر الصّداقة مع الجزائر، بل من الغرائب السّبع، وهي تونسيّة بامتياز، أنّ المندّدين بالتدخّل السافر للرّئيس الفرنسي السّابق في الشّأن الجزائريّ، في معظمهم ، من مهندسي"أصدقاء سوريا" والساعين منذ مدّة إلى لعب دور الوسيط بين الفرقاء الليبيّين، والمطالبين بحملة دوليّة لمنع تنفيذ حكم قضائي مصريّ صادر في حقّ الإخوان، ومن عجائب السرياليّة التونسيّة أنّهم يندّدون بالتدخل في الشأن الجزائريّ وهم يحملون إشارة رابعة بحساباتهم الفايسبوكسّة.

وتظهر هذه البالونات الإعلاميّة وتكثر للاختبار وجسّ نبض الشارع ورود الفعل، ولعلّ الفضاء الافتراضيّ يحتاج ،إضافة إلى الفضاء المسجديّ دراسة اتصاليّة، لمعرفة مدى صناعته للرأي العام توجيها وهرسلة، من خلال تتبّع انتشار الحجج وود الأفعال عليها، وكيف تتحوّل بفضل تكرارها حقيقة لا يرقى شكّ إلى علميّتها، والنموذج الدالّ الذي يحضرني الآن هو سبب رفض الجدار الرّملي بين تونس ولبيا عندما احتجّ الدايمي للرفض باعتماد حجّة خطره على تربيّة الإبل، فأنتجت الحجّة سخرية تنوّعت أشكالها  ودفعت فريق المؤتمرين إلى التوسّل بشواهد لفظية من الرّعاة أنفسهم وسخّرت له بعض القنوات بعض العناصر المصوّرة، وتبارت صفحات كثيرة في بيان زوايا الحجّة، ويبقى السّؤال الذي رغم حديثنا عنه في هذا الموقع دون تحرّك ألا وهو الإعلام الحربيّ.

قد تسأل ما هو الرّابط بين افتتاح المقال بالحديث عن انقطاع البثّ وتحميل المسؤولية الإداريّة وما عقب زيارة ساكوزي من مواقف وحكاية الإبل بالجنوب ودعوتنا إلى تأهيل الإعلام في الشأن الحربيّ؟

سأكتفي بذكر ما لاحظت من موقف رسميّ وحزبيّ وأمنيّ جزائري عقب العمليّة الإرهابيّة الجزائريّة التي ضربت جنودا ، لاحظت صمتا إعلاميّا رسميا؛ فلا خطب رنّانة ولا دعوات لتنظيم مظاهرات ولا بيانات استنكار شديدة اللهجة أو لايت، ولم يتسارع السياسيّون إلى بلاتوهات التلفزات لتشريح الظّاهرة، ولم أقرأ حقوقيا جزائريّا شكّك في الانتقام اللاّحق من الإرهابيّين، ولم أعثر على صفحة لجزائريّ استنكر نشر صور الإرهابيّين، ولم أصادف جمعيّة  تدّعي الحقوقيّة طالبت"باحترام حقّ المتّهم حتى تثبت إدانته" في الوقت الذي تسابقت صفحات كثيرة ومسؤولون كُثر للتعبير عن تعاطفهم مع الإرهابيّة التونسيّة"فاطمة الزّواغي" التي وقع نقلها من تونس إلى صفاقس وحرموها من التلفاز. كلّ ذلك التخبّط والإفلاس السياسيّ التونسيّ يقدّم، يوميّا، بمناسبة و من دون مناسبة ، معلومات ومواقف وتطمينات ودفاعا عن حقّ الإرهابييّن في التلفاز في الوقت الذي يخطّط فيه لسلبك حقّك في الوجود. ألم يحن الوقت لمحاصرة مثل هذه الآفات المنفلتة باسم حريّة التعبير حتى يتسنى لهذا الوطن الجريح أن يلملم جراحه بعيدا عن بول البعير وسياحة الإبل ؟

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg