في الذاكرة : انتفاضة الخبز


29 ديسمبر 2016 تاريخ يصادف انطلاق شرارة احداث انتفاضة الخبز من مدينة دوز في 29 ديسمبر 1983 بعد اعلان الوزير الأوّل آنذاك في حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة محمد المزالي مضاعفة أسعار العجين ومشتقاته متذرّعا بالأحوال الاقتصادية وبأنّ« المواطنين يرمون الخبز الذي تدعم الدولة تكاليفه في المزابل ويعطونه علفا للحيوانات»، ونظرا للأزمة الاقتصادية التي عاشتها البلاد منذ سنة 1977.
قرار انجر عنه غضب عارم في صفوف المواطنين حيث تشكلت مظاهرات عدة أدت إلى مواجهة بين المتظاهرين وقوات النظام العام وانتشر الغضب ..تطوّر الأمر وانتقل من سوق الأحد إلى مدينة دوز ثمّ إلى مدينة قبلّي مركز الولاية ومنه إلى مدينة قفصة في 01 جانفي 1984 ثمّ الحامة وإلى تونس العاصمة في 03جانفي 1984.
تعالت الاصوات صوت الرصّاص.. صوت الهتافات..صوت الشعب المنتفض وصراخ الناس يأتي من كلّ صوب والفارّون يهرولون في كلّ اتجاه هاتفين : “ابكي ابكي يا مسكين الخبزة بمية وسبعين” و كان حينها سعر الخبزة ( كانت تزن كيلو غرام ) سعرها 80 مليم تقرر الزيادة بـ 90 مليم ليصبح سعر الخبزة 170 مليم..
ومع دخول مشروع الزيادة في أسعار العجيّن ومشتقاته حيز التنفيّذ يوم 1 جانفي 1984 شملت الحركة الاحتجاجيّة مناطق الشمال والوسط الغربي في الكاف والقصرين وتالة وبقية مناطق الجنوب في قفصة وقابس ومدنين.... الكلّ خرج عن الصّمت و شارك في المظاهرات مواطنون من كلّ الأجيال ومن كلّ الفئات الاجتماعية ومن كلّ التيارات السياسية الموجودة ومن كلّ منظّمات المجتمع المدني وخاصة المنتمون إلى الاتحاد العام التونسي للشغل.
ومع إعلان وزارة الداخلية يوم 2 جانفي عن سقوط قتلى وجرحى في مناطق قبلي والحامة والقصرين وقفصة، دخلت المنطقة الصناعية بقابس في إضراب شامل ومسيرات كبرى شارك في تنظيمها كل من العمال والطلاب، كما التحق طلبة الجامعات والمدارس الثانوية في مدن تونس وصفاقس بالشوارع معبرين عن رفضهم إلغاء الدعم عن العجين ومشتقاته.
وفي يوم 3 جانفي بلغت الانتفاضة أوج أحداثها وباتت المواجهة مفتوحة بين المتظاهرين من ناحية وقوات النظام العام والجيش من ناحية أخرى، وأصبح العنف سيد الموقف فأحرقت المحلات والسيارات والمؤسسات والحافلات في شوارع العاصمة وضواحيها وفي كثير من المدن في الساحل وفي المناطق الداخلية، لتخلف الاحداث مزيدا من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.
وقد التصق اسم الفاضل ساسي بانتفاضة الخبز ويعد من أهم رموزها، وهو ليس شهيدها الوحيد لكنه كان ناشطا طلابيا وسياسيا وشاعرا فذا سقط في قلب العاصمة تونس يوم 3 جانفي 1984 برصاص قوات البوليس، استشهاد الفاضل ساسي خلف أثرا قويا في الذاكرة الوطنية التونسية، وألهم شعراء وفنانين ليكتبوا عنه ويخلدوا ذكرى مقتله..
ولم تتوقف الاحتجاجات في البلاد الا مع اعلان رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة التراجع عن القرار بالزيادة في سعر الخبز بخطابه الشهير «نرجعوا وين كنّا».
تحميل |




