Français|

الاستقبال >أخبار >دولية

دولية2024/12/09 12:21

منظمة العفو الدولية: الاحتلال يرتكب جريمة الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة

منظمة العفو الدولية: الاحتلال يرتكب جريمة الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة

قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير تاريخي جديد، إنّ تحقيقاتها أثبتت أدلّةً وافيةً تُثبت أنّ الاحتلال قد ارتكب، ولا يزال يرتكب، جريمة الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة المحتل.

وفي تقريرها المعنون: "بتحس إنّك مش بني آدم"، الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال، ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة، تُوثّق المنظمة فتح الكيان أبواب الجحيم والدمار على الفلسطينيين في قطاع غزّة، بصورة سافرة ومستمرة، مع الإفلات التام من العقاب، أثناء هجومها العسكري على القطاع في أعقاب الهجمات المميتة التي قادتها حماس في جنوب الأراضي المحتلة، في 7 أكتوبر 2023.
وقالت "أنياس كالامار"، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: "يثبت تقرير منظمة العفو الدولية بوضوح أن الاحتلال ارتكبت أفعالًا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزّة، وتشمل هذه الأفعال قَتل الفلسطينيين في قطاع غزّة، وإلحاق أذَى بدني أو نفسي بهم، وإخضاعهم عمدًا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي، كما ظلّ الاحتلال على مدى أشهر يعامل الفلسطينيين وكأنهم فئة دون البشر لا يستحقون حقوقًا إنسانية ولا كرامة، وأظهر أنَّ قصده هو تدميرهم المادي"، حسب تعبيرها.
وأضافت "أنياس كالامار": "يجب أن تكون نتائجنا الدامغة بمثابة صيْحة تَنبيه للمجتمع الدولي.. هذه إبادة جماعية، ولا بد أن تتوقف الآن..يجب على الدول التي تواصل توريد الأسلحة للاحتلال في هذا الوقت، أن تدرك أنها تخل بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية، وأنّها عرضة لأن تصبح متواطئة في الإبادة الجماعية.. ويجب أن تتحرك فورًا جميع الدول التي تمتلك نفوذًا على الكيان المحتل، وخاصة أهم الدول التي تزوده بالأسلحة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، ولكن أيضًا الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل إنهاء الفظائع التي يرتكبها ضد الفلسطينيين”.
وخلال الشهرين الماضيين، اشتدت حدّة الأزمة بوجه خاص في محافظة شمال غزّة، حيث يكابد السُكان المحاصرون التجويع والتهجير القسري والإبادة وسط القصف المتواصل عليهم بلا هوادة والقيود الخانقة التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح إليهم.
وقالت أنياس كالامار: “لقد أظهرت أبحاثنا أنّ الاحتلال استمر لعدّة أشهر في ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية، وهو يُدرك تمامًا ما يُلحقه بالفلسطينيين في قطاع غزّة من أضرار لا يمكن جبرها. وقد تمادى في ذلك ضاربا عرض الحائط بما لا حصر له من التحذيرات بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية، وبالقرارات الملزمة قانونًا من محكمة العدل الدولية التي تأمره باتخاذ تدابير فورية لتمكين المساعدات الإنسانية من الوُصُول إلى المدنيين في قطاع غزّة”. وأضافت أنياس كالامار: “لقد ظلّت إسرائيل تزعم مرارًا أنّ أفعالها مشروعة، ويمكن تبريرها بهدفها العسكري المتمثل في القضاء على حماس، حسب تعبيرها.

وقد فحصت منظمة العفو الدولية أفعال "إسرائيل" في قطاع غزة عن كثب وفي مجملها، آخذة بعين الاعتبار تكرارها وتزامن حدوثها، وكلًا من آثارها الفورية وعواقبها التراكمية التي يعزز بعضها بعضًا، وأخذت المنظمة في الحُسبان حجم وشدة الخسائر البشرية والتدمير على مر الزمن، كما حلّلت التصريحات العلنية الصادرة عن المسؤولين، وتبيَّن لها أن الأفعال المحظورة كثيرًا ما أعلن عنها أو طالب بها في المقام الأوّل مسؤولون رفيعو المستوى مسؤولون عن جهود الحرب.
وقالت أنياس كالامار: “إذا أخذنا بعين الاعتبار السياق القائم من قبل الذي ارتُكبت فيه هذه الأفعال، من التجريد من الممتلكات، والأبارتهايد، والاحتلال العسكري غير المشروع، نجد أنفسنا أمام استنتاج واحد منطقي لا مفر منه، وهو أن قصد إسرائيل هو التدمير المادي للفلسطينيين في قطاع غزّة، سواء كان ذلك بالتوازي مع هدفها العسكري المتمثل في تدمير حماس أم باعتباره وسيلة لتحقيق هذا الهدف”. “إن الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة في 7 أكتوبر 2023 ضد الإسرائيليين والضحايا من جنسيات أخرى، بما في ذلك عمليات القتل الجماعية المتعمدة وأخذ الرهائن، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسوّغ الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في القطاع”.
ويقر فقه القانون الدولي بأنّ ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ليس مرهونًا بنجاح الجاني في مسعاه لتدمير الجماعة التي تحظى بالحماية، سواء كليًا أم جزئيًا؛ بل يكفي ارتكاب الأفعال المحظورة بقصد تدمير الجماعة بصفتها هذه.

هجوم عسكري وحشي:

كما يُعاين تقرير منظمة العفو الدولية بالتفصيل انتهاكات "إسرائيل" في قطاع غزّة على مدى التّسعة أشهر التي انقضت بين 7 أكتوبر 2023 وأوائل جويلية 2024، وأجرت المنظمة مُقابلات مع 212 شخصًا، من بينهم ضحايا وشهود فلسطينيون وأفراد من السلطات المحلية في قطاع غزّة وعاملون في مجال الرعاية الصحية، كما أجرت أبحاثًا ميدانية وعكفت على تحليل مجموعة واسعة من الأدّلة المرئية والرقمية، بما فيها صور الأقمار الصناعية.
وحلّلت المنظمة أيضًا تصريحات كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والمسؤولين العسكريين، والهيئات الرسمية الإسرائيلية؛ وأطلعت السلطات الإسرائيلية على نتائجها مرات عديدة، ولكنها لم تتلقَ أي رد جوهري منها حتى وقت نشر التقرير. نطاق وحجم لم يسبق لهما مثيل أدّت أفعال إسرائيل في أعقاب الهجمات المميتة التي شنتها حماس في 7 أكتوبر 2023 إلى دفع سكان قطاع غزّة إلى شفا الانهيار.
فحتى 7 أكتوبر2024، أدى هجومها العسكري الوحشي إلى مقتل أكثر من 42,000 فلسطيني، من بينهم أكثر من 13,300 طفل، وإصابة ما يزيد على 97,000 آخرين، سقط الكثيرون منهم في هجمات مباشرة أو عشوائية متعمدة، أسفرت في كثير من الأحيان عن إبادة عائلات متعددة الأجيال بأكملها.
وخلّف هذا الهجوم دمارًا لم يسبق له مثيل، يقول الخبراء إنّه حدث بمستوى وسرعة لم يشهد العالم مثيلًا لهما في أي صراع آخر في القرن الحادي والعشرين؛ إذ أتى على مدن بأكملها حتى سوّاها بالأرض، ودمر المرافق الحيوية للبنية التحتية والأراضي الزراعية والمواقع الثقافية والدينية؛ مُحرقًا الأخضر واليابس في قطاع غزّة حتى أحال مناطق واسعة منه إلى أرض خراب غير صالحة للعيش. ووصف محمد، الذي فرّ هو وعائلته من مدينة غزّة إلى رفح في مارس 2024، ثم هُجّروا مرة أخرى في ماي 2024، ما واجهوه من مشاق للبقاء على قيد الحياة في ظروف مروّعة: “كأنه يوم القيامة هنا في دير البلح. ما من متسع لتنصب خيمتك فتضطر لنصبها على الشاطئ. عليك أن تحمي أطفالك من الحشرات، من الحر، بدون مياه نظيفة، لا مراحيض، كل هذا والقصف لا يتوقف. بتحس إنك مش بني آدم هان [هنا]”.
وفرضت إسرائيل ظروفًا معيشية في القطاع خلقت مزيجًا من سوء التغذية والجوع، والمرض، وساقت الفلسطينيين إلى موت بطيء ومتعمد. كذلك أخضعت إسرائيل المئات من الفلسطينيين من القطاع للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وتُعدّ بعض الأفعال التي شملها تحقيق منظمة العفو الدولية، عند النظر إليها بمعزل عن غيرها، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولكن إذا ما أُخذت بعين الاعتبار صورة الحملة العسكرية الإسرائيلية في مجملها، وما ترتب على سياسات إسرائيل وأفعالها من آثار تراكمية، فعندئذٍ يتجلى قصد الإبادة الجماعية باعتباره الاستنتاج المنطقي الوحيد. قصد التدمير للتحقق من أنّ القصد الخاص لإسرائيل هو التدمير المادي للفلسطينيين، بصفتهم هذه، عكفت منظمة العفو الدولية على تحليل النمط العام لسلوك إسرائيل في قطاع غزّة، وما صدر عن مسؤولي الحكومة والجيش الإسرائيليين، وخصوصًا أرفعهم، من تصريحات تجرّد الفلسطينيين من إنسانيتهم وتطالب بإبادتهم الجماعية، وأخذت بعين الاعتبار سياق نظام الأبارتهايد الإسرائيلي والحصار غير الإنساني للقطاع والاحتلال العسكري غير المشروع للأرض الفلسطينية منذ 57 عامًا. وقبل استخلاص استنتاجاتها، نظرت منظمة العفو الدولية في ادعاءات إسرائيل بأنّ جيشها استهدف حماس وغيرها من الجماعات المسلحة في مختلف أنحاء قطاع غزّة بصورة مشروعة، وأنّ الدمار غير المسبوق الناجم عن ذلك ومنع وصول المعونات كانا نتيجة للسلوك غير المشروع من جانب حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، مثل وضع المقاتلين بين السكان المدنيين أو تحويل وجهة المساعدات.
وخلصت المنظمة إلى أن هذه الادعاءات عديمة المصداقية. فوجود مقاتلي حماس بالقرب من منطقة مكتظة بالسكان أو داخلها لا يعفي إسرائيل من التزاماتها التي تستوجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لدرء الأخطار عن المدنيين وتجنيبهم الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة. وتبيَّن للمنظمة من خلال أبحاثها أنّ إسرائيل تقاعست عن الوفاء بهذه الالتزامات المرة تلو الأخرى، فارتكبت العديد من الجرائم التي يشملها القانون الدولي والتي لا يمكن تبريرها بالتذرع بأفعال حماس. كذلك، لم تعثر المنظمة على أي دليل على أن تحويل وجهة المساعدات كان سببًا للقيود المفرطة والمتعمدة التي فرضتها إسرائيل على إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح. وفي إطار تحليلها، أخذت المنظمة بعين الاعتبار أيضًا الحجج البديلة مثل تلك القائلة بأن إسرائيل كانت تتصرف بتهور أو أنها لم تكن تبالي ببساطة إن كانت بحاجة لتدمير الفلسطينيين في غضون هذه العملية، مما يظهر استخفافًا قاسيًا بأرواحهم، وليس قصد إبادتهم الجماعية.
كما طالبت منظمة العفو الدولية بالإفراج عن جميع الرهائن المدنيين دون شروط، وبمحاسبة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة عن الجرائم التي ارتكبتها في 7 أكتوبر 2023. وحثت المنظمة مجلس الأمن الدولي أيضًا على فرض عقوبات موجهة على المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولي حماس الأكثر ضلوعًا في الجرائم التي يشملها القانون الدولي.

الطقس

اليوم 05.05.2025

المزيد
Economique Jawhara FM
horoscope.jpg
babnet.jpg