Français|

الاستقبال >أخبار >مقال رأي

مقال رأي2015/03/31 10:40

موتوا، موتوا، ويحيا الوطن

موتوا، موتوا، ويحيا الوطن

بقلم سعد برغل

تابعت منذ أحداث باردو وما بعدها من قضاء على إرهابيّي كتيبة عقبة الجدلَ الواسعَ بين المبحرين على الموقع الاجتماعيّ الفايس بوك، وانخرط في الجدل تونسيّون على جزائريّين على يمنيّين على كويتيّين، وأدلى فقهاء ظلام بفتواهم، وأبدى علمانيّون رأيهم، ودوّن وسطيّون موقفهم، حجج على حجج، فقهية وحقوقيّة وانسانية وثقافيّة وتاريخيّة، مخازن حجج من كلّ فجّ انهالت، وتواصل النقاش وتواصلت الحرب الكلاميّة بين شقّي المسألة ولم يُفض الأمر إلى قرار: أنترَّحم على قتلة باردو والشّعانبي وجبل سمّامة أم لا يجوز الترحّم؟.

خاضت المجموعات المتناحرة حربا نوويّة، وقودها الآيات الكريمة والأحاديث، اختلط الضعيف بالمتواتر، وكانت لجنازة اليهوديّ وموقف الرسول الكريم منها حظّا وافرا من الاعتماد الحجاجي، وتطوّر النّقاش فانقسم الفريقان ملَلا داخليّة، انقسم أهل اليمن بين حوثيين وهاديّين وصالحيّين، وانقسموا ثانيّة بين سنّة وشيعة، وانقسموا ثالثة بين مؤيّد لإيران ومؤيّد للسعوديّة، وانقسم المصريّون بين مسلمين وأقباط، ثمّ بين جماعة مرسي وجماعة السيسي، ثمّ بين رابعة وطلعت حرب، ثم بين جماعة الإخوان والسلفيّين، ثمّ بين السلفيّين وأنصار بيت المقدس، وانقسم الليبيّون بين جماعة القذافي وجماعة الثورة، ثمّ بين جماعة طرابلس وجماعة بن غازي، ثمّ بين جماعة حفتر وجماعة عبد الحكيم، ثمّ بين جماعة فجر الإسلام وجماعة ثوّار الزّنتان، ثمّ بين جماعة القبائل الليبيّة وجماعة حلف الناتو. انقسم البلد الواحد وما اتّفق أهله، أنترحّم على الموتى قاتلي السوّاح سفّاكي الدّماء مرمّلي النسوة لمجرّد أنّه ذات طلقة صرخ " الله أكبر"؟، كأنّما هذه الصّرخة حصانة للقاتل؛ لم يتّفقوا، وتدخّلت أصوات جزائريّة ممّن عايشوا العشريّة السوداء وآخرين لفظهم البحر إلى الضّفّة الأخرى، فسكنوا بلاد الغال، وتذكّروا أنّ تجارة الدين مربحة، وانقسم الجزائريّون بين موالين لجبهة الإنقاذ الوطني الإسلاميّة وبقاياها وجبهة التحرير الوطنيّ وممثّليها، وانقسم أبناء جبهة التحرير بين رافض لرئاسة جديدة لبوتفليقة ومؤيّد لها، وانقسم مؤيّدو بوتفليقة بين قابل لمبدأ المصالحة مع الجبهة الإسلاميّة ورافض للتوبة، وعلى الخطّ الأحمر تدخّل أهل المغرب، بين مبايع للملك محمد السّادس وبين رافض له، وانقسم المبايعون لمحمد السّادس بين رافض لتوزير "بنكران" وبين قابل له، وانقسم القابلون ببنكيران تحت إمرة محمّد السّادس بين قابل للصّوفيّة المغربيّة ورافض لها، وانقسم قابلو الصّوفيّة بين قابلي الصّوفيّة الجيلانيّة وقابلي صوفيّة السّاقيّة الحمراء ووادي الذّهب، وانقسم قابلو متصوّفة الساقيّة بين راض على متصوّفة المجتمع الحسّانيّ وبين راض على مجتمع البيضان. حجج على حجج، ومن اليمن السّعيد اخرطوا في الجواز والتحريم، ومن الجزائر انخرطوا، ومن المغرب انخرطوا، ومن تونس انخرطوا، ومن مصر انخرطوا، ومن السودان، طبعا، انخرطوا، لكنّهم كانوا بين مؤيّد للبشير ومؤيّد لحسن التّرابي، وانقسم أنصار البشير بين مؤيّد لدعوة تطبيق الشّريعة وبين من خاف تجربة سلفه " الذي تحّول بقدرة المال السعوديّ من الماركسيّة إلى الإسلام"، جعفر النميري، وانقسم الرّافضون لتطبيق الشّريعة بين مبارك لانفصال دارفور عن السّودان وبين رافض لها، وانقسم رافضو الانقسام بين الموالاة للسّعوديّة أو قطر، وانقسم الموالون من السّودانيّين بين مساندة مصر ضدّ أثيوبيا في حكاية تحويل مجرى النّيل وبين الاستفادة من المال الإسرائليّ في العمليّة. أقرأ التّعاليق وأتبع مجريات اللّغة، وبالموقع أكبر مؤتمر دوليّ حول " الترحّم في الإسلام"، وشهد المنتدى عددا لا يعرفه إلا أعتى محرّكات البحث في الرقميّات، ولم تتّفق الجماعات الإسلاميّة، بل قُلْ الأمم الإسلاميّة، ولو أردت لأمكنك الإدّعاء أنّها ما كانت أفرادا وما كانت بلدانا وما كانت أمما وما كانت أجيالا وما كانت أحزبا وما كانت مِلَلاً و لا كانت نِحَلا أفتت في المسألة، كانت كلّ ذلك وأكثر. كانت عقلا عربيّا معطّلا عن أمرين رئيسيين للحداثة: إسهال لغويّ واستنزاف عقليّ ومجهود بشريّ في أمر لا يرقى فكريّا إلى مستوى يحتاج إعمال عقل أصلا، كحال تلك البيضة ببطن دجاجة ميّتة؛ أحلال ٌ أكلُها أم حرام، والأمر الثّاني هو أنّنا نحن العرب قوم اتفقنا على ألاّ نتّفق، حتى في التّافه من الأمور، خير أمّة أخرجت للنّاس فعلا. أمّة انقسمت دويلات وانقسمت الدويلات إمارات شمالا وجنوبا سهلا ووعرا، وانقسمت السّهول سنّة وشيعة، وانقسم الشّيعة اثنا عشرية وعلويّين وصفرية، وانقسم السّنة ألف سنّة ونابٍ، لكنّ الأمر بسيط: هؤلاء الإرهابيّين عليهم أن يموتوا يموتوا ليحيا الوطن، سواء ترحّمتهم أو صمتُّم، ولعلّ صمتكم أرحم للبلد.

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg