نواب الشعب يناقشون غداً مشروع تنقيح مجلّة الشغل


يعقد مجلس نواب الشعب غدا الثلاثاء 20 ماي، جلسة عامة لمناقشة مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، وذلك بحضور وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر، وسط حالة من الترقب لدى مئات الآلاف من العمال الذين يرزحون تحت طائلة التشغيل الهش.
وتوقّع المختص في تشريعات الشغل حافظ العموري، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن يصوّت مجلس نواب الشعب لفائدة مشروع القانون، مرجحًا أن تكون التعديلات التي قد يُدخلها النواب على صيغته النهائية طفيفة، بالنظر إلى أن جوهر المشروع يُعد حاسما في تحقيق الاستقرار الوظيفي لعدد كبير من العمال المتعاقدين لمدة محددة.
وذكر أن مشروع تنقيح مجلة الشغل يمكن العمال الذين كانوا يشتغلون في إطار المناولة من الحصول على الأجور ذاتها التي يتلقاها العاملون المرسمون، مشيرًا إلى أن التنقيح الجديد يجرم المناولة.
وقال "من المؤكد أن يساهم دخول القانون حيز التنفيذ بعد المصادقة عليه، في تحقيق الأمان الوظيفي للعمال، لا سيما منهم من كانوا يعملون سابقًا بعقود محددة، مع اقتراح تحويلهم إلى عقود غير محددة المدة، معتبرًا أن جهة المبادرة أرادت من خلال تقديم هذا النص التشريعي التوفيق بين مصالح المؤسسات وحماية الأجراء.
وكان وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر قد أكد بدوره أن الأصل في العقود هو الاستقرار، داعيًا إلى عدم التوسع في الاستثناءات التي تجيز تعليق تطبيق أحكام مشروع التنقيح الجديد، مشيرًا إلى أن نجاح المؤسسات يُبنى على استراتيجياتها وهيكلة عملها، لا على طبيعة العقود.
وأشار كذلك إلى أن بعض المؤسسات الكبرى في تونس لا تعتبر هذا المشروع تهديدًا لها، بل تراه خطوة نحو تنظيم السوق ومكافحة التلاعب بالعلاقات الشغلية، خاصة في ظل وجود حالات لإخفاء الأجور والعقود، وهو ما يضر بالتنافسية وجودة العمل.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد أحال النسخة الأولية من مشروع القانون إلى مجلس نواب الشعب بتاريخ 14 مارس 2025، في إطار حزمة من الإصلاحات التشريعية التي تهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة الشغلية على أسس أكثر عدلًا واستدامة.
ويهدف مشروع القانون، إلى إدخال إصلاحات جوهرية على مجلة الشغل، ترتكز أساسًا على الحد من اللجوء إلى العقود محددة المدة، وتجريم مختلف أشكال المناولة، تنفيذًا لقرار رئاسي مؤرخ في 6 مارس 2024.
وينص المشروع على أن العقود غير محددة المدة تُعد القاعدة العامة في التشغيل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأنشطة الأساسية والدائمة للمؤسسة. كما يقترح تنقيح الفصل السادس من مجلة الشغل، لحصر العقود محددة المدة في ثلاث حالات استثنائية فقط: التعويض المؤقت لعامل متغيب، إنجاز أعمال موسمية أو استثنائية، أو تنفيذ خدمات لا يمكن إنجازها إلا بعقود مؤقتة بحكم طبيعتها.
وبحسب المشروع، تُنظم فترة التجربة لتكون مدتها ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، على أن تقتصر على العقود غير محددة المدة. كما يُمنع إنهاء العقد خلال هذه الفترة دون إشعار مسبق لا يقل عن 15 يومًا، ويُشترط أن يكون أي انتداب لاحق مباشرًا دون إعادة فترة التجربة.
ويكرس الفصل 17 من المشروع مبدأ حماية العامل من التشغيل المؤقت المتكرر، من خلال تحويل العقود محددة المدة تلقائيًا إلى عقود غير محددة المدة في حال مواصلة العامل لنشاطه بعد انتهاء العقد، مع احتساب أقدميته منذ بداية العلاقة التعاقدية.
وفي باب خاص، يتضمن المشروع إجراءات صارمة ضد المناولة، حيث ينص الفصل 28 على منعها كليًا، مع فرض غرامة مالية تقدّر بـ10 آلاف دينار على كل من يخالف هذا المنع، لتتحول العقوبة إلى سجنية في حال التكرار، وفق ما ورد في الفصل 29.
ويقترح المشروع استبدال مؤسسات "اليد العاملة الثانوية" بمؤسسات "إسداء الخدمات والقيام بالأشغال"، مع تنظيم نشاطها، ورفع سقف التزاماتها القانونية، وفرض غرامات تصل إلى 10 آلاف دينار في حال المخالفة. ويلزم القانون هذه المؤسسات بإثبات دفع أجور العمال ومساهماتهم الاجتماعية إلى المؤسسة المستفيدة، وذلك في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من إبرام العقد.
على صعيد آخر يقترح المشروع في بابه الثالث إلغاء الفصل 23 من القانون عدد 81 لسنة 1992 المتعلق بالمناطق الاقتصادية الحرة، والذي كان يعتبر العقود داخل تلك المناطق مبرمة لأجل معين، بغض النظر عن طبيعتها. أما الباب الرابع، فقد تضمن جملة من الأحكام الانتقالية لضمان حماية حقوق الأجراء عند دخول القانون حيز النفاذ، لا سيما فيما يتعلق بالعقود المحددة والمناولة.
ومن المنتظر أن يُحدث هذا المشروع، في حال المصادقة عليه، تحولا نوعيا في الإطار التشريعي المنظم لسوق الشغل، من خلال تكريس مبدأ استقرار العلاقة المهنية، وتعزيز حقوق الأجراء، والحد من مظاهر التشغيل الهش.




مقالات أخرى






