Français|

الاستقبال >أخبار >أخبار جوهرة

أخبار جوهرة2013/11/28 08:42

دفاعا عن الفنّ Dripping

دفاعا عن الفنّ  Dripping

لا أدري ما إذا كان من المؤسف أو من المضحك حقّا  أن يسأل قاضٍ فنّانا أو فنّانة كما حدث العام الماضي مع نادية الجلاصي، عن مقاصد عمله الفنّي، وكأنّ العمل الفنّي ليس مقصدا في حدّ ذاته، أو هوعمل واعٍ كلّه، أوهو ينهض من لحظة نشوئه إلى لحظة استكماله، على قواعد معياريّة  يضعها صاحب العمل قبل أن يشرع في عمله

والقاعدة إنّما تستتبع الحكم بالصّواب أو الخطأ. فإذا تعارض معها الخاصّ الفنيّ – وهو كثيرا ما يتعارض- عُدَّ خطأ أو شذوذا أو عدولا ونظاما غير معياريّ

الفنّ أيّ فنّ لعب بالمعنى الاستطيقي للكلمة. أقول "الأستطيقي" أو الجمالي ولا أقول "الجدّي"؛ لأنّ اللعب جدّ هو أيضا  

 

  وهو ما لا نظفر به في معاجم العربيّة التي تضع كلمة "لعب" ضدّ جدّ، أو بمعنى مزح أو فعل فعلا لا يجدي عليه نفعا، أو بقصد اللذة والمتعة

 

لا حرج إذن من استخدام مفهوم اللّعب في الكلام على الفنّ، ما دام الأمر يتعلّق ببنية وجود الأثر نفسه. وللتوضيح فإنّه ليس من حقّ أيّ كان حتى لو كان قاضيا محترما لا نشكّ في نزاهته وعدله أن يستنطق أو أن يسأل فنّانا أو مبدعا عن المقصد من "لعبه"، إلاّ أن يكون سؤالا بريئا (ولا براءة في السياق الذي نحن به). لا يحقّ له ذلك أبدا لأنّ عالم اللّعبة الفنّيّة منغلق على نفسه أستيطيقيّا، والفنّان نفسه ليس واعيا به ضرورة. ولا تعنينا  هاهنا الناحية الدينيّة أو السوسيولوجيّة أو السياسيّة أو الاقتصاديّة... حيث عالم الفنّ مشرع على أنشطة أخرى قد تتعلّق بالتّربية الاجتماعيّة أو بإذكاء الصّراع الإيديلوجيّ أو حتّى بتحقيق الكسب المادّيّ

 

هذا فضلا عن أنّ كلّ أثر فنّيّ ـ مهما تكن قيمته أو عظمته ـ تخليق لعالم افتراضيّ، وهو "ناقص" ضرورة، ولعلّه نقص مقصود، شأنه شأن النّقص في الأشياء أملا أو رجاء فيها. وهو، من ثمّة، يقتضي جهدا تأويليّا يتعلّق به أبدا ليكون بالفعل أثرا فنّيّا. وهذا عمل القارئ المتمرّس بالفنّ لا القاضي

 

الفنّان لاعب، واللاّعب على ما يقول أصدقاؤنا من أهل الفلسفة، ليس "موضوعا" للّعب، وإنّما اللّعب هو الذي يرتقي عبر اللاّعبين إلى مستوى التّمثّل. و"من هذا المنطلق يحوز مفهوم اللّعب، عندئذ، أهمّية كبرى. وذلك لأنّ اللّعب له ماهية خاصّة، مستقلّة عن وعي الذين يلعبون". (نقلا عن المعزّ الوهيبي الفنّ لعبا) وقاضي التحقيق ليس قارئا، وهو بحكم اختصاصه لا يمتلك أدوات قراءة الفنّ

 

وعليه فمن المستغرب إذن أن يُسأل الفنّان عن مقاصد عمله، بحثا عن نشأته أو في الكيفيّة التي بها نشأ. ولنفترض أنّ الفنّان أجاب "لا أدري" أو هو قال له "لا مقصد لي من هذا العمل سوى المتعة"، أو هو قال"مقصدي صوفيّ لا غير" أو هو قال " كنت أعمل وكأني أحلم"، والحلم – كما يقول المعاصرون- "شعر غير إراديّ" بحيث يفضي إلى كثير من الشّبهة واللّبس أفَمن حقّه أن يكذّبها في هذه الحال؟

ما لا يدركه بعضنا أنّ الفنّ أيّ فنّ يقوم في زمن مقسّم مشظّى، وأنّه يمكن أن يقودنا بدل أن نقوده.

  إنّ من حقّ الفنّان أن يطلق الصّورة في فضاء المتخيّل ويرسلها

بل من حقّه أن يستخدم تقنية في الفنّ هي أقرب ما تكون إلى التّقنية المسمّاة

Dripping

  المنسوبة إلى الرّسّام الأمريكيّ بولوك. وهي تقوم على أن يحمل الفنّان علب الألوان بعد أن يثقبها؛ ثمّ يمرّرها فوق اللّوحة ويهزّها. فإذا نحن نقرأ هذا الفنّ وكأنّنا نفكّ الخطّ المسماري أو الهيروغليف المصريّ..

بل  من حقّه أن يحرص على أن لا يفهم .والحقّ أنّ "الفهم" قد لا يكون ضروريّا، من منظور جماليّ خالص وبخاصّة في الفنّ الحديث الذي يقدّم "الانفعال"  على الفهم

 فبأيّ قانون؟ وعلى أيّة قاعدة يحوز قاضٍ هذا المزيج المربك؟ هذا "الهُنا" و"الهُناك" و"الهُنالك"؟ أعني هذا القريب والمتوسّط والبعيدَ مكانا وزمانا في ذات الآن؟

والأمر أشبه بالموسيقى التي يمكن أن يسمعها المرء دون أن يستمع إليها، أو بصلاة الجماعة وما يتخلّلها من تلاوة أو ترانيم كثيرا ما تؤدّى بصورة لا إراديّة؟

إنّه لمخجل حقّا لتونس 14 جانفي أن يُحاكم فنّان.. والتهمة عمل فنّيّ لا غير.. رجاءً دعُونا نحبّ هذا البلد الذي لم يُحبّنا بعد

بقلم منصف الوهايبي

Economique Jawhara FM

كل التسجيلات

التسجيلات الصوتية

  نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

مالك الزاهي: توجيه الإقتطاع من الأجور لدعم الصناديق الإجتماعية

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الإثنين 21 فيقري 2022

أعوان وموظفو البلديات في إضراب بيومين

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تراجع عجز الميزانية بنسبة 15% موفى نوفمبر 2021

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار منتصف النهار ليوم الخميس 27 جانفي 2022

الغنوشي يدعو الى إلغاء الأمر الرئاسي 117

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

نشرة الأخبار

نشرة أخبار السابعة صباحا ليوم الخميس 27 جانفي 2022

تمديد العمل بهذه الإجراءات لمنع تفشي كورونا

   بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

بزنس نيوز

بزنس نيوز ليوم الإربعاء 26 جانفي 2022

أسعار صرف العملات الأجنبية في تونس

horoscope.jpg