افتتاح عروض "خارج الأسوار" ببازيليك "سان سيبريان"

كان الموعد ليلة الأحد 24 جويلية الجاري مع افتتاح عروض "خارج الأسوار" ضمن الدورة الثانية والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي في بازيليك "سان سيبريان" 

وهو فضاء ساحر مطل على البحر، يحمل اسم أسقف قرطاج منذ سنة 249 م، كاتب وأب مسيحي ولد سنة 200 وتختلف الروايات حول مكان ولادته وتوفي بقرطاج سنة 258

لم يتخلف الجمهور عن حضور حفل افتتاح عروض "خارج الأسوار" مع الفنانين "سيرين بن موسى" بعرضها "من إشبيلية إلى تونس"، و"خالد بن يحيى" بجديده "شيفا الأندلسي"، كما لم يفوت جمهور قرطاج الاستثنائي فرصة اكتشاف هذا الموقع الأثري الذي نأى بحمله... جمهور كبير العدد امتلأ به البازيليك وأجبر المنظمين على إضافة بعض الكراسي... جمهور محب للموسيقى، جاء لينصت ويستمتع بتجارب تستدرج الموسيقى الأندلسية نحو فضاءات موسيقية جديدة في مزج يبدو مستحيلا ولكنه كان ممكنا بل ممتعا مع "خالد بن يحيى" الذي سما بالجمهور في "شيفا الأندلسي" ومع "سيرين بن موسى" التي احتفت برواد الموسيقى الأندلسية بعرضها "من إشبيلية إلى تونس" واستدرجت بدورها فضاء الفلامنكو في رحلة جمعت فيها بين ضفتي المتوسط، وبهذا العرض انطلقت سهرة افتتاح عروض "خارج الأسوار" التي غنت فيها "سيرين بن موسى" عددا من المختارات من المالوف وعددا من الأغاني التونسية والمغاربية مثل "حسن الحبيب"، "حرمت بيك نعاسي"، "ناري لهيبة"، "يا حبيب القلب"، "شاهد العيان"، "بنت بلادي"، "لاموني اللي غاروا مني"، "نني نني جاك النوم"، "سمراء" كما غنت أيضا إنتاجها الخاص "يا تونس"، وشاركتها الفنانة الإسبانية صاحبة الصوت الغجري القوي "روزا أنخيليس غارسيا كلافيجو" آداء بعض هذه الأغاني باللغة الإسبانية التي رقصت على إيقاعاتها راقصة الفلامنكو الشهيرة "ميليسا كاريلو كارو" التي قدمت كوريغرافات مخملية ودقت بخطواتها الرشيقة ركح بازيليك "سان سيبريان" لتثبت أن في عمق "الفلامنكو" تسكن الموسيقى الأندلسية الساحرة

تواصلت السهرة بعد ذلك مع الفنان "خالد بن يحيى" بعرضه الجديد "شيفا الأندلسي"... بالكثير من الصنعة والحرفية، وبإحساس عال استدرج الفنان "بن يحيى" في عرضه إله الرقص في الهند "شيفا" ومنه سميت أشهر الرقصات الهندية التي لطالما ألهمت العازفين والفنانين هناك، نحو فضاء الموسيقى الأندلسية في تجربة فريدة شارك فيها "خالد بن يحيى" على العود، "آشوك باتاك" على آلة السيتار الهندية، "نبيل عبد المولى" على آلة الناي، "محمد الأسود" على الكمنجة، "لطفي الرايس" على "الكنترباص"، "نانتا كيمار" على الطبلة الهندية، "محمد عبد القادر الحاج قاسم" على الإيقاع مع ستة منشدين إضافة إلى الفنان "منير الطرودي"

تراوح العرض بين المقطوعات الموسيقية من تأليف "خالد بن يحيى" والوصلات الغنائية التي أداها ببراعة "منير الطرودي" الذي لم يكتف في السهرة بالغناء بل تميز أيضا بآدائه الصوتي، ليعزف بصوته المميز بعض النوتات الموسيقية بمنتهى الإحساس، كما أبهر عازف السيتار الهندي "آشوك باتاك" الجمهور بإحساسه وحرفيته في العزف على واحدة من أصعب الآلات الموسيقية، وأدهش الحضور بتمكنه حد العزف وهو يعدل آلته في الوقت نفسه

لم يخل عرض "شيفا الأندلسي" الذي دمج الموسيقى الأندلسية بروح الموسيقى الهندية من نفس صوفي روحاني خاصة في بداية العرض وقد سبق لخالد بن يحيى أن أكد أن عروضه لا تخلو من النفس الصوفي الذي تربى في أجوائه باعتبار أن والده منشد ديني ولكن الجميل أنه يحسن إدماج هذا الفن كما فعل في عرضه "شيفا الأندلسي"